السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ جزاكم الله عنا خيراً:
أنا شاب التزمت والحمد لله منذ 4 سنوات، وأنا أحاول الآن أن أدعو إلى الله ولكن عن السلوك بمعنى أني أحاول أن أظهر للناس أن الالتزام جعل منى إنسانا أخر وأن ديننا يدعو لحسن الخلق والرفق وترك سفاسف الأمور ولكنى نادراً ما أقول لهم ( قال الله، قال رسوله) لا لشيء إلا لأنني أظن أن ذلك لن يجدي معهم لأنهم سينظرون إلى أنى أريد أن أكون شيخا، وسيقولون كما يقولون دائماً ( كل من سمع كلمتين عايز يعمل شيخ) إلى غير ذلك من مما أعرفه جيداً من حالهم خاصة أني أركز في دعوتي على أهلي وأقاربي وأنا بالطبع أعرف الكثير عن طباعهم، وكذلك سينظرون لي على أنى حديث العهد بالالتزام وبالتالي كل ما أقول لهم شيئا فلن يصدقوني رغم أني والله لن أقول لهم إلا أقوال العلماء الموثوقين كالشيخ ابن باز و الشيخ ابن العثيمين وغيرهم من علماء أهل السنة والجماعة، كذلك أجد نفسي في بعض الأحيان مضطرا للحديث معهم في بعض الأمور كالكلام في السياسة أو الكلام في بعض الرياضات من باب أنى أريد أن أعرفهم أنى متابع لما يدور حولي من الأحداث لأنهم يضعون للملتزمين صورة في أذهانهم أنهم لا يعرفون شيئا وأنهم يعيشون في دنيا غير الدنيا ولا يعرفون شيء إلا الذهاب للمسجد والمجيء منه حتى أمور الدين لا يعرفونها وأنهم متشددون ولا يعرفون حقيقة الدين وسماحة الدين إلى غير ذلك من التهم، فأنا لا أفعل ذلك إلا لمحاولة تغيير هذه النظرة للملتزمين، فهل أنا على صواب أم أن هذا من تلبيس الشيطان؟ وأنا أنوي بإذن الله أنى عندما يكون لي مكانة في قلوبهم أن أغير نظرتهم للالتزام والملتزمين، أبدأ بإذن الله في دعوتهم من خلال بيان كلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام وبيان أحكام الإسلام .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهنيئا لك على ما أعطاك الله من الالتزام والاهتمام بدعوة الناس إلى الله تعالى، فهذا هو واجب كل مسلم، فعلى المسلم أن يحرص على الاستقامة على الطاعة وان يدعو الناس إلى الله تعالى، وقد نوه الله تعالى بمن عمل ذلك ووعده الجزاء العظيم فقال: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) {فصلت:30- 33}
واعلم أن دعوة الحال مهمة جدا فدعوة المسلم باستقامته وأخلاقه لها دور عظيم ولكنها لا تغني عن دعوة الناس بالوحي المنزل من عند الله تعالى، وإنذارهم به فهو أعظم الوسائل لهداية الناس، فقد قال الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالوَحْيِ {الأنبياء:45}، وقال: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا القُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ {الأنعام:19}، وقال: وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي {سبأ:50} وقال: وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا{الفرقان:52} فاحرص على القيام بالدعوة حسب المستطاع ولا تدع إلا بما علمت صحته، واحرص على اللطف والرفق واللين في أسلوبك ومعاملاتك للناس واستعذ بالله من كل ما يعوقك عن المواصلة واحرص على الاستزادة من العلم فهو رصيدك الذي تدعو به.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 31768، 60007، 18815، 17709.
والله أعلم.