الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل للأب أن يستولي على جميع ممتلكات ابنته

السؤال

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين . أنا فتاة توفيت أمي رحمها الله وكانت تعمل فأخذت مكافأة من عملها أنا وإخوتي وأبي وكان قبل أن تتوفى فاتحة لكل منا دفتر توفير وكان أبي واصيا علينا فيه فعندما توفيت أخذت مكافأتي لأني بالغة راشدة أما إخوتي فأموالهم في المجلس الحسبي حتى يتم السن القانوني ويأخذوا أموالهم أما أنا فأخذها أبي مع فلوسه ووضعها في دفتره بحجة أن دفتري ليس معه كان بالنسبة لي ما في مشكلة لأن أبي ما حرمنا من شيء قبل أن يتزوج ولما صرف لي معاش كان هو الذي يأخذه لنفسه لا أدري ماذا فعل فكان هو الذي يقبضه وعندما تزوجت وقلت له أين ميراثي من أمي قال لي إنه جهزني به مع أنه جعل زوجي يحضر كل حاجة ومع أن حالة أبي المادية ميسورة جدا فإنه لا يحتاج إلي ميراثي حتى يزوجني به حتى المبلغ الذي كان في الدفتر قال لي خلص على جهازك مع أنه مدخلني بأشياء بسيطة الأجهزة الضرورية فقط يعني عندما أحسبها أجد أنه لم يصرف كل هذه الأموال كما يقال لي حتى عندما كتبت كتابي طلعت مكافاة على القسيمة أخذها لنفسه وعندما سألته عليها تضايق وقال لي إنها من حقه كل هذه الأشياء قلت الحمد لله ربنا يخلي لي زوجي ولا يحوجني لأحد وأخيرا كنت متفقة أنا وزوجي أن نعتمر فقلت أدفع أنا جزءا من معي وزوجي يكمل مما معه فكان أبي أخذ قبل أن أتزوج أخذ ذهبي وقال لي إنه داخل في تجارة ويريد أموالا لأنه لا يريد أن يسحب من البنك علشان الفائدة فاعطيته ذهبي وكان يريد أن يبيع ذهب أمي ولكن أنا وأختي رفضنا قلنا ينفعنا عندما نحتاج إليه فذهبت منذ فترة وسألته عليه قالي لي ما شانك به قلت ذهب أمي وأريده فقال لي إنه باعه وعمل مشكلة كبيرة وتعصب وقال إنه من حقه أنا الذي اشتريته لها مع أن أمي رحمها الله كانت موظفة وكان هو الذي يقبض مرتبها ويعمل به وكانت لا تطلب منه أي شيء لأنها كانت طيبة جدا وتقول كله في الأول والآخر لكم فقلت له حتى لو كان ضمن الميراث فعلى الأقل يثمن ويقسم علينا قسمة العدل فتدخلت زوجته ورفعت صوتها علي وقالت ألفاظا سيئة لدرجة أنهم عايروني بأني قاعدة عندهم لأنهم كانوا يعملون عمرة وقعدت مع أخواتي هذه هي المسألة بكل حقيقة دون تزييف فيها فهل هذا يجوز أن يأخذ الأب ميراث ابنته من أمها بحجة أنه زوجها به مع أنه لا يحتاج إليه وأن يأخذ كل مستحقاتها حتى ذهب والدتها بحجة أن كل شيء ملكه ومن حقه أريد أن أعرف هل هذا حرام أم حلال ، وأن أعرف ما الذي من حقه وما الذي ليس من حقه في كل هذه الأشياء ؟ وجزاكم الله خيراً .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :

فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن وضع المال في ما يسمى بدفتر التوفير حرام، لأن ذلك يعد من قبيل الربا المحرم. ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 5942 .

ثم اعلمي أن الله سبحانه وتعالى قد جعل بر الوالدين والإحسان إليهما مقرونا بتوحيده وعبادته سبحانه وتعالى، فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23}. وقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36}.

وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن لوالدك الحق في الأخذ من مالك ما يحتاج إليه وبدون إذنك ، فقد قال صلى الله عليه وسلم لرجل شكى إليه أخذ أبيه لماله، قال له: أنت ومالك لأبيك. رواه أبو داود عن جابر، وابن ماجه. وقال صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من أموالهم. رواه أحمد وابن ماجه عن عمرو بن شعيب.

ولكن هذا الحق الذي ذكرنا أنه للأب في مال ابنه ليس مطلقا، وإنما هو مقيد بقيود كثيرة، يمكنك أن تراجعي فيها فتوانا رقم: 46692.

ثم إن الأب لا يجب عليه تجهيز بنته من ماله الخاص ولو كان ميسور الحال، وإنما يجهزها بمهرها إن وجد، فإن لم يوجد فمن مالها الخاص. قال ميارة المالكي في الإتقان والأحكام شرح تحفة الحكام: إذا زوج ابنته البكر وكان متسع الحال فإنه لا يلزمه تجهيز ابنته من ماله، - يعني - وإنما يجهزها من صداقها خاصة، ويأتي أنه ينبغي تجهيزها بمالها من غير الصداق. اهـ.

وخلاصة القول، أنه ليس من حق أبيك ما فعله من الاستيلاء على جميع ممتلكاتك، وأنه ليس ملزما بأن يجهزك من ماله الخاص ولو كان ميسور الحال، وأن من حقه الأخذ من مالكِ بشرط أن يكون محتاجا إليه وأن لا يكون عليك في أخذه ضرر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني