الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يفعل حيال رفض والد خطيبته زواجه منها

السؤال

إخواني الأفاضل شاكرا لكم حسن تعاونكم معي والموضوع هو أنني تقدمت لفتاة محترمة كنت على علاقة معها بعلم أهلي جميعا وبدون علم أهلها ولم يتخلل علاقتنا ولله الحمد ما يغضب الله تعالى من كلام غزلي أو مكالمات غرامية وما شابه ذلك، وكل منا تعلق بالآخر وصليت أنا وهي صلاة الاستخارة ولله الحمد رأينا في منامنا كل خير وارتاح كل منا للآخر وتوكلنا على الله تعالى ولله الحمد كنت مطمئنا لموافقة أهلها ولا سيما وأن عائلتنا معروفة جدا والكل يشهد لها بالخير وحسن الأخلاق وبالفعل تقدمت لها وأهلها رحبوا بي وبأهلي وتمت المشاورات بيننا على التفاصيل وكانت فرحتنا عارمة وكبيرة لكني تفاجأت ذات يوم بأن والدها اتصل بنا ويخبرنا أن كل شيء نصيب وأنه صلى الاستخارة ولم يسترح للموضوع ولا داعي لأن نكرر نحن زيارتنا لهم لأن ابنته مترددة (مع أنها نفت ذلك بشدة فيما بعد) ولم يعطنا أية أسباب لرفضه.لاحقا عرفت أسباب رفضه من ابنته وهي كانت مادية كلها وأن عمة البنت وأعمامها يريدون تزويجها بأولاد عمومتها وصار والدها يجرح في عائلتنا ووضعها تحت الأمر الواقع ورفض كل محاولات ابنته لأن يعدل عن رأيه للأسف. أنا لم أتدخل طبعا خوفا على الفتاة من أبيها وخصوصا وأنه صار يضغط عليها ويهددها بكل شيء مستغربا بذات الأمر تعلقها بي وبعائلتي . أنا أدري بأن الموضوع انتهى تماما من طرف أهلها بحجة أنه صلى الاستخارة بعد مجيئنا وأنه لم يرتح لي ولا لعائلتي مع أنه صلى قبل مجيئنا ورأى كل خير وارتاح نفسيا بعدما سأل عني وعن عائلتي وعرف أخلاقياتي قبل مجيئي لخطبة ابنته لكن استسلمنا للأمر الواقع ولا أدري ماذا أفعل وكل منا متعلق بالآخر وهي تفاجأت بكلام والدها أن البنت مثل البضاعة تعرض على الجميع وأفضل واحد يأخد هذه البضاعة وخصوصا أنه بعد ما انتهى والدها مني وأقفل الباب بوجهي تقدم شخص آخر إمكانياته أفضل مني وصار يقنع ابنته بذلك إلا أنها رفضت بشدة والمسكينة لا تستطيع أن تبوح لهم بسبب رفضها وأنها متعلقة بي خوفا من العواقب ولا سيما ووالدها وتفكيره المادي كان آخر كلمة تقولها لي إنني بقلبها ليوم الدين وسؤالي بعد كل هذا الكلام يا إخوتي والله يشهد بالذي كان بيننا من احترام وتقدير وحرص على قضاء الصلاة من كلينا وتشجيع كل منا للآخر على الدين وكل أهلي كانو يعلمون بذلك والذين حاولوا الاتصال بأهلها لإخبارهم بأننا نعرف بعضنا البعض لكني رفضت خوفا على فتاتي وحرصا عليها من تهديدات أهلها . سؤالي هنا : وخصوصا أن والدها قال لما تنطبق السماء على الأرض فإنه لن يرضى بزواجنا، هل لنا الحق أنا وفتاتي أن نرسل أخبارنا بين فترة وأخرى عبر البريد الاكتروني بدون الدخول بتفاصيل حياتنا وإنما للاطمئنان فقط مع أنني الآن وبعد الذي حصل لم أتصل بها وهي أيضا كي يبارك لنا الله في كل شيء وقلت جدا مراسلاتنا عبر الإميل فلذا فهل هناك إثم علينا أن نطمئن على بعضنا البعض من فترة لأخرى لمجرد الاحترام الذي كان بيننا والله يشهد على ذلك ولأنه علاقتنا كانت شريفة وواضحة لأهلي جميعا والذين رحبوا بها ولا تقولوا لي أن أنساها لأنه شيء مستحيل يا إخوتي الافاضل فهذا اختيار العقل قبل القلب وأعرف أنه لا توجد وسيلة لإقناع والدها سامحه الله لأنه يريد تزويجها غصبا عنها وفتاتي سلمت أمرها لله تعالى واعتبرته طاعه لأهلها وربها مع أنها مغصوبة على ذلك ومرغمة على الزواج بغيري، أتمنى أن تفهموا جيدا يا إخوتي أن سؤالها عني وسؤالي عنها سيكون بين فترة وأخرى وأنها ستسأل عن صحة والدتي وأهلي والاطمئنان عن أحوالي فقط لا غير ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما دامت الفتاة أجنبية عنك فيلزمك قطع أي علاقة بها لأن الإسلام لا يقر مثل هذه العلاقة، ومن الخير لك ولها أن نقول لك إنه يلزم قطعها لأن مثل هذه العلاقة ذريعة إلى الشر والفساد، وربما استغلها الشيطان ليقود إلى ما بعدها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {النور: 21 } وروى البخاري ومسلم عن صفية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم . وراجع الفتوى رقم : 18297 ، والفتوى رقم : 10570 .

وأما بخصوص زواجك من هذه الفتاة فلا بأس أن تحاول إقناع والدها بالموافقة على زواجك منها، ويمكنك أن تشفع إليه بأهل الخير والمقربين إليه، فإن اقتنع فالحمد لله وإلا فابحث عن غيرها، فربما كان الخير في زواجك من غيرها ، قال تعالى : وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216 } .

وأما من جهة الفتاة فلا ينبغي لوليها أن يرفض زواجها من الكفء وتراجع الفتوى رقم : 998 . ولا يجوز له إرغامها بالزواج من غير الكفء وتراجع الفتوى رقم : 3006 ، ولا بأس بأن تحاول إقناعه بالزواج منك فإن وافق وإلا يجب عليها طاعة والدها في عدم الزواج منك ، وراجع الفتوى رقم : 6563 ، وإن خشيت عضل وليها لها فلها أن ترفع أمرها إلى القاضي الشرعي، فإن ثبت عنده العضل تولى تزويجها من الكفء أو وكل من يزوجها، وتراجع الفتوى رقم : 3804 ، وأما ما ذكرت مما رأيت في المنام من الخير بعد الاستخارة فإن مثل هذه الرؤى يستأنس بها فقط ، والمعول عليه هو أن الإنسان إذا استخار كما أمر فإن الذي سيحصل بعد ذلك هو الخير له سواء تم ما كان يريد أم لم يتم ، وتراجع الفتوى رقم : 11052 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني