الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإعلام بالرغبة في طلب الزواج لا يعتبر عقدا

السؤال

لقد تمت خطبتي من أهلي، وبعد شهرين قمنا بحفلة خطوبة اجتمع فيها النساء على حدة والرجال على حدة، وخلال ذلك اجتمع الرجال في غرفة الجلوس (وكنت وعائلتي نظن أنهم سيقرؤون الفاتحة لا غير ذلك)، قام خال العريس بذكر بعض آيات النكاح والأحاديث النبوية حول الزواج، ثم قال ما يلي: وفي هذا الإطار أيها السادة الحضور أتوجه إلى أخي وصديقي وزميلي السيد 'فلان' (أبي) لأعلمه بأن السيد 'فلان' (أب العريس) جاءه في هذه الليلة المشرقة الأنوار بهذا الجمع الكريم متوكلا على ربه العزيز العليم، طالبا يد كريمته البنت المهذبة البكر 'فلانة' (أنا) إلى ابنه المهذب الصالح 'فلان' (العريس)، وهذا الطلب أيها الأخ الكريم هو على سنة الله ورسوله، فإن قبلته فقل قبلت 'فلان' زوجا لابنتي 'فلانة'، (وأجاب أبي بلفظ 'قبلت'، وأتوجه الآن إلى الشاب التقي 'فلان' العريس، ليؤكد لنا الطلب، فهل مازلت متمسكا بطلبك يا 'فلان' (العريس) إن كان ذلك فقل نعم متمسك (وأجاب العريس بلفظ 'متمسك وثابت'، ثم قام خال العريس بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقام بالدعاء ثم قرأ جميعهم الفاتحة، فهل يعتبر هذا عقد زواج، مع العلم بأنه سيتم إن شاء الله عقد قران مدني قبل ليلة الزفاف بعدة أيام بعد سنة تقريبا، كما أني لم أحضر هذا العقد (لكني موافقة)، وأتوقع أن أبي لم يكن يعلم أن هذا يسمى عقدا، ما هي حدود العلاقة بيني وبينه الآن وما الذي يباح فعله (كالمصافحة والتقبيل وكشف الشعر والخروج معه دون محرم)، وإن كان هذا يسمى عقداً، فهل يجب علي إعلام العائلة (لأنه كما ذكرت لم يحضر العقد سوى الرجال)، فأرجو عدم تحويلي إلى فتوى سابقة؟ وعذراً على التطويل... جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما تم هو وعد بالزواج وليس زواجاً، لأنه لا يوجد صيغة من صيغ عقد النكاح فيما تم لا من قبل ولي المرأة ولا من قبل الخاطب، فخال الخاطب لما قال (فإن قبلته فقل قبلت فلان زوجاً لابنتي فلانة) هو سؤال من خال الخاطب لوالد المرأة عن القبول بفلان زوجاً، فكان جواب أبي المرأة بأنه قبل به زوجاً، والقبول به زوجاً ليس تزويجاً في الحال -أي: ليس فيه تنجيز للتزويج- ولم يقع قول الولي (قبلت) جواباً على طلب الخاطب الصريح، وإنما وقع جواباً لسؤال خال الخاطب بمدى قبول فلان زوجاً، إضافة إلى أن قول الخاطب (متمسك وثابت) ليس قبولاً، وإنما هو إعلام بأنه ما زال عند رغبته في طلب الزواج من فلانة.

قال الإمام الشافعي في الأم: وهكذا لو قال الولي: قد زوجتك فلانة، فقال الزوج: قد قبلت. ولم يقل تزويجها لم يكن نكاحاً حتى يقول قد قبلت تزويجها، ولو قال الخاطب: زوجني فلانة، فقال الولي: قد فعلت، أو قد أجبتك إلى ما طلبت، أو ملكتك ما طلبت، لم يكن نكاحاً حتى يقول: قد زوجتكها أو أنكحتكها، فإن قال: زوجني فلانة، فقال: قد ملكتك نكاحها أو ملكتك بضعها أو جعلت بيدك أمرها، لم يكن نكاحاً حتى يتكلم بزوجتكها أو أنكحتكها، ويتكلم الخاطب بأنكحنيها أو زوجنيها فإذا اجتمع هذا انعقد النكاح. انتهى.

وهذا مذهب الشافعية وهو يراعي الألفاظ في باب النكاح جداً، والمالكية مع توسعهم في الألفاظ إلا أنهم مع ذلك يشترطون وجود صيغة تدل على التأبيد، قال العلامة عليش المالكي في منح الجليل: (و) ينعقد النكاح (بـ) قول الزوج ابتداء للولي (زوجني فيفعل) الولي بأن يقول له زوجتك أو فعلت، فمتى تلفظ الولي أو الزوج بلفظ الإنكاح أو التزويج فيكفي أن يجيبه الآخر بما يدل على القبول بأي صيغة، ومتى خلا لفظهما معاً عنهما لم ينعقد إلا لفظ الهبة مع الصداق. انتهى.

وعليه؛ فما تم في الخطوبة المذكورة ليس عقد نكاح، وهذا الخاطب ما زال أجنبياً عنك، فلا يجوز لك الخلوة به ولا النظر إليه ولا غير ذلك مما يحرم بين الأجنبي والأجنبية، والخاطب إنما يجوز له النظر الذي يقرر به الإقدام على الزواج أولاً، وما عدا ذلك فهو فيه كأي أجنبي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني