السؤال
امرأة مسلمة متحجبة طلقها زوجها لفظا في سويسرا، بعدها مباشرة لجأت هذه المرأة إلى القضاء السويسري وطلبت الانفصال وحصلت على أكثر من نصف راتب الزوج شهريا، مع العلم بأن هذه المرأة لا تشتغل وتحضن ابنتها التي يبلغ عمرها 4 سنوات، حسب القانون السويسري فهذا الحكم ليس طلاقا، فالطلاق لا يحصل إلا باتفاق من الزوجين أو بعد انقضاء عامين ابتداء من تاريخ الانفصال، فبعد مرور أكثر من سنة وبالرغم من أن هذه المرأة تأخذ أكثر من حقها فهي ما زلت ترفض اتفاقية الطلاق حتى تمنع بذلك زوجها الذي طلقها من الزواج بامرأة أخرى، فهل اللجوء إلى القضاء السويسري بحجة أنه يجب التحاكم إلى قوانين البلد الذي نعيش به وعدم الرجوع إلى الشريعة الإسلامية يعد صحيحا، مع العلم بأن الزواج تم في بلد إسلامي، علما بأن نفقة البنت واجبة على أبيها, فهل يجب على هذا الزوج كذلك نفقة ومسكن هذه المرأة بعدما انقضت عدتها منذ أكثر من سنة، فإن كان الجواب بنعم فمتى ينتهي وجوب هذه النفقة، ما هو حكم هذه المرأة التي تستغل القوانين السويسرية لمنع الزوج من الزواج بأخرى بالرغم من أنه قد طلقها منذ أكثر من سنة؟ جزاكم الله كل الخير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تضمن سؤالك عدة استفسارات نجملها فيما يلي:
أولاً: فيما تلفظ به الزوج من طلاق زوجته، وهذا يكفي لحل العصمة ولو لم يشهد عليه أو يكتبه عند المحكمة والقضاء، فإن كان الزوج قد تلفظ بالطلاق لزوجته ولم يراجعها أثناء العدة فقد طلقت منه ولا اعتبار لعدم كتابة ذلك لدى القضاء، وقد بينا ما يجب للمطلقة على زوجها من نفقة وسكنى أو عدمها، وكذا ما يجب للمطلقة الحاضنة أثناء العدة وبعدها وذلك في الفتوى رقم: 52341، وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.
وليس لتك المرأة أن تأخذ ما يزيد على حقها من نفقة وسكنى خلال العدة أو نفقة البنت ولو حكمت لها بذلك المحكمة، فحكم القاضي لا يحل الحرام ولا يحرم الحلال في الواقع، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئاً بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها. رواه البخاري. ولمعرفة متى ينتهي وجوب النفقة للمطلقة وللبنت انظر الفتوى رقم: 25339، والفتوى رقم: 29933.
فعلى تلك المرأة أن تتقي الله سبحانه وتعالى فيما تأخذه من ذلك الرجل، وما قامت به من قضايا لمنعه من حقوقه كالزواج فإنها مسؤولة عن ذلك يوم القيامة، وستجازى عليه، وإنها لا تعلم متى تصير إلى قبرها فتجد ما عملت من خير محضراً، وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً، كما قال الله تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ {آل عمران:30}
وأما المسألة الثانية فهي حكم الترافع إلى المحاكم الوضعية، وقد فصلنا القول فيه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26057، 7561، 11820.
والله أعلم.