السؤال
سماحة الشيخ الفاضل الذي يستفتيكم في هذه المسألة طالب علم يحمل شهادة الماجستير في الشريعة الإسلامية، ويقوم بالخطابة محتسبا في عدد من المساجد ويحمل إجازة في حفظ القرآن الكريم بحمد الله، ويظن نفسه ممن يخاف الله ويتقيه، والسؤال فضيلة الشيخ: أني ابتلاني الله عز وجل بفقر مدقع والحمد لله وأبحث عن وظيفة جهدي فلا أجد، ولو كانت بأجر بخس، ومع ذلك وجدت نفسي في حاجة شديدة إلى الزواج بسبب الفتن الأخلاقية والإباحية التي تعصف بمجتمعنا بتشجيع من يهود وأعوانهم، ولا أخفيكم شيخنا أنني كنت أبكي من شدة الضيق المادي والكبت الجنسي حتى حدثتني نفسي بالسوء، ولكن الله سلم، فلم يكن لي بد من الزواج، فتحملت دينا في سبيل الزواج والله لقد كان من غير سرف ولا تبذير، ومرت سنون ولا أستطيع قضاءه وبالكاد أجد ما أسد به رمقي وعيالي، وقبل مدة أعطاني أحد المحسنين مبلغا من المال لأفرقه على المساكين والمحتاجين ثقة بي وجهلا منه بحالي، وإني لأجد نفسي كذلك الصحابي الذي قال: والله ما بين لابتيها أفقر مني، ولكن لا أحد يتصدق على شاب جلد، ولكنه عائل فقير معدم بل يتقصدون المطلقات والأرامل واليتامى وأكثرهم أحسن حالا من الشباب أمثالنا، فلما بحثت في كتب الفقه هل يحل لي شيء من هذا المال أم لا وجدت كتب الفقه تنص على أن الوكيل بأداء الزكاة لا يجوز أن يأخذ منها شيئا لنفسه، فإذا فعل فقد خان الأمانة، قياسا على التوكيل في سائر الأموال، مع أن أمثالنا من الشباب والدعاة قد عضهم الفقر بل أكلهم ولا أحد يتفطن إليهم وهم يتعففون ولا يسألون الناس إلحافا، والسؤال هو: يلحق بي منا وأذى يجعلني أشارف على الموت جوعا ولا أقدم عليه، ثم وهذا هو المهم أليس ثمة فرق بين التوكيل في تفريق مال خاص على الفقراء والمحتاجين وهو حق خالص للموكل يصرفه حيث يشاء، ولا يجوز مخالفة توكيله، وبين التوكيل في أداء الزكاة وهي حق للفقراء من حين حولان الحول، ونحن منهم بمعنى آخر: أن قياس مال الزكاة التي هي حق للفقراء والمحتاجين على المال الخاص -الذي يرجع أمر توزيعه لإرادة المتصدق– قياس مع الفارق، فإن كان جائزا أن آخذ منه قدر حاجتي فعلت، وإن كان ذلك حراما علي سلمت لحكم الله تعالى ورضيت به، ووزعته حيث أرشدتم، ولكن ماذا أصنع أنا وأمثالي وهم كثر من الإخوة وأحدهم ليس لديه قوت يومه إلا دينا، وهو غارم بمبالغ باهظة، ولا يتفطن له أهل الخير والإحسان جهلا منهم بحاله لتعففه عن السؤال، وكيف يؤدي رسالته من يبيت يفكر في لقمة يومه، شيخنا الفاضل عذراً على الإطالة وأرجو إجابة شافية؟ وبارك الله فيكم.. وجزاكم الله خيراً.