الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعاء والرفق في المعاملة مما يجلب الود بين المتنافرين

السؤال

سيدي الشيخ أنا لدي مشكلة مع والدتي فعلاقاتي معها لم تكن جيدة منذ كنت صغيرة فهي قاسية وبعيدة كثيراً عني كوني واحدة من تسعة إخوة وأخوات المهم أنا أعاني كوني الآن مطلقة ولدي ابن ولا أطيق الجلوس مع أمي وأيضا أكره أن أقبلها أو أن تضمني لا أدري أشعر أنه لا يوجد ود لها في قلبي، أمي دائماً تفتعل المشاكل مع الجميع وأكثر مشاكلي بسبب أني أقف دائماً مع الآخرين لأرجع لهم حقوقهم سواء بكلمة طيبة أو بطلب المسامحة، لا نتفق حول الأشخاص أنا وأمي فهي دائماً تعلن أنهم سيئون وأن نواياهم سيئة وأنهم حاقدون وأنا أرى غير ذلك فهم طيبون حتى لو أن أحدهم شرير فهو بسبب هجومها الدائم الذي يخلق حولنا الأعداء ...أمي معتدة بنفسها مغرورة كثيراً تكره أن يتطاول عليها أحد دائماً تهاجم وتقلل من شأن الآخرين ...تأتيها لحظات عندما تسمع محاضرة أو حديثا تخشى الله وتراجع مواقفها لكن هذه الأوقات نادرة.
الآن مشكلتي الأساسية مع زوجتي إخواني اللتين دائماً احمد الله عليهما لأنهما طيبات ومتعاونات ورائعات لكن للأسف أمي دائماً تهينهن وتظلمهن وتقوم كثيراً بجرحهن بالكلام وأنا لا أحتمل فأقف معهن وأقوم بالصراخ والوقوف ضد أمي، وفي الأخير تنتهي المعركة بدعائها علي والغضب المستمر، أرفض كثيراً حتى أن أصلي بجانبها كونها تصدر أصواتا مزعجة، دائماً أثناء قراءات السور وهذا يضايقني أخشى أن أجد نفسي في الأخير في نفس الموقف، أخشى أن يقوم ابني بعمل شيء يؤلمني لكني دائماً أردد لنفسي أني غيرها وأني لا افعل مثلها وأني دائماً أثق بالآخرين وأحترمهم وأتقي الله فيهم، ماذا أفعل لا أستطيع أن أكون مع أمي بحب أو مودة بل على العكس أجد نفسي أكره حتى أن نتكلم كثيراً إلا فيما ندر وبسرعة ماذا أفعل وأين أنا وكيف سيكون حالي مع ابني حتى صديقتي تعاني مثلي مع والدتها فقد كانت معها قاسية وبعيدة وأنانية ونحن ملتزمات ونخشى الله، وعني أنا فقد حججت السنة الماضية، وأقسم لكم بالله العظيم أني أتمنى أن لا أكون هكذا، وأتمنى أن أحصل على أم حنون أفتقدها كثيراً وأحتاج إلى حضن أم أشكو لها همي وأن تساعدني لأن أمر وأنتهي من مشكلتي وطلاقي وتربية ابني بسلامة وبنجاح فكيف أفعل وهل أنا آثمة.
أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل المولى تعالى أن يزيدك حرصا على الخير، وأن يرزقنا وإياك الاستقامة والثبات على الحق.

ولعلك لا يخفى عليك ما للأم من منزلة عظيمة، ومن حق عظيم على أولادها، فالواجب برها والإحسان إليها، ولا تجوز الإساءة أو الصراخ في وجهها مهما صدر عنها من إساءة أو تقصير، وبهذا تعلمين أنك قد أخطأت بتلك التصرفات معها، فالواجب عليك التوبة، وانظري الفتوى رقم: 2124، ولا يعني ذلك ترك نصحها وكفها عن ظلم الآخرين، ولكن ليكن ذلك بالحكمة واللين والرفق، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه. رواه مسلم، وانظري الفتوى رقم: 7947، والفتوى رقم: 65179، وأما أمر المحبة القلبية تجاه أمك فهو وإن كان أمرا لا تملكينه ولست مؤاخذة بذلك إلا أنه ينبغي أن تسعي في أسباب حصولها، ولعلك إن سألت الله عز وجل أن يوجد بينكما هذه المودة والمحبة أن يوفق إليها، وذلك على الله يسير.

ثم إنك قد ذكرت أن أمك قد تتأثر أحيانا بسماع بعض المحاضرات وهذا يدل على أن فيها خيرا، فما يمنعك من استغلال هذه الوسيلة وأمثالها لإصلاحها مع الاستعانة بدعاء الله عز وجل أن يصلح شأنها.

وأما كونك قد تعاقبين من أبنائك بمثل ما فعلت مع أمك فليس ذلك بلازم، فلا تشغلي نفسك بالتفكير فيه، فالمهم أن تتوبي إلى الله وأن تحسني تعاملك مع أمك فيما يستقبل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني