خلاصة الفتوى:
لا يجوز لك أن تقسو على أبيك فتجادله أو ترفع صوتك عليه، أو غير ذلك مما هو أشد منه مهما كان منه معك أو مع غيرك، لكن لك نصحه إن أساء أو ظلم دون جدال أو رفع صوت عليه، وأما ما تبذله له من مال فيجب عليك قدر طاقتك وقدر حاجته إن كان محتاجاً؛ وإلا فلا يجب ذلك لكنه هو الأولى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أنه لا يجوز لك أن تقسو على والدك مهما كان منه من ظلم وإساءة عليك أو على غيرك، لكن لك نصحه ووعظه وتذكيره بأسلوب هين لين لا جدال فيه ولا رفع صوت عليه، ولك الأجر على صبرك على جفائه والمثوبة على بره ومصاحبته بالمعروف.
وأما ما تنفق عليه وتبذل له من مال.. فإن كان بحاجة إليه فقيراً لا مال عنده فيجب عليك ذلك، وإلا فلا يجب وإن كان فعل ذلك محموداً، لما فيه من إرضائه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الرب من رضا الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. رواه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو، وهذا مشروط بألا يؤثر على نفقتك الواجبة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 1249.
ويلزمه أن ينفق على أمك إن كان لديه ما ينفقه، وأما قسوته عليها فهي ظلم وسوء عشرة لا يجوز له فعله، لكن ذلك لا يبرر لكم عقوقه والإساءة عليه أو هجره، بل ينصح ويذكر سيما وهو يصلي في الجماعة ويقرأ القرآن، فحري به أن يبدل من حال الشدة والعنف إلى حال الرفق والرحمة وحسن الخلق مع زوجته ومع أبنائه، ولكم تسليط بعض الدعاة وطلبة العلم وأهل الفضل عليه ليبينوا له ذلك عله يستجيب.
وأما سفرك وبعدك عنه فليس حلاً، ولا ينبغي لك لتعلق أمك بك وحاجتها إليك في وجودك معها ومع إخوتك، وانظر لذلك الفتوى رقم: 80503، وأفضل الحلول هو بقاؤك معهم وصبرك على أذى أبيك فأنت مأجور عليه، وسيجعل الله لك من همك فرجا، ومن كربك مخرجا، ومن عسرك يسراً. قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3459، 8173، 9647، 50556، 40427.
والله أعلم.