الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا الموضوع موضوع عظيم، ويتعين على المسلمين مدارسته والسعي في أن يحيوه حياة حقيقية، ويمكن أن تؤلف فيه عدة كتب لأن له عدة جوانب لا بد من مراعاتها، ولا يمكن أن تفي به فتوى مختصرة، ولكنا نشير إشارات وعلى السائل أن يواصل البحث في المراجع المتوسعة.
فمن أهم ما نشير إليه أن يربى الطفل من صغره بالحلال تربية جسمية وعقلية، فإذا عقل الخطاب ربي تربية تعبدية فحدث عن الله وعن رسوله وعن الإسلام، وعود على الأذكار والتعوذات والأدعية المأثورة وعلى الأخلاق الفاضلة، وبدئ بتعليمه القرآن والسنة وما يحتاج له من أمور الدين، فإذا وصل السابعة أمر بالصلاة ورغب فيها وضرب عليها عند العاشرة، ثم إنه لا بد من تعليمه ما يحتاج له من علوم الوسائل المساعدة على فهم نصوص الوحي، ويتعين النظر في سلامة بيئته وصحبته من الشرور فلا يسمح له بصحبة الأشرار ولا بالذهاب لأوكار الفساد؛ بل يعوض عن ذلك بصحبة من يساعده على مهمته فيربط بالمسجد وطلاب العلم ومجالس الخير، ثم يزوج إذا بلغ بذات الدين التي تعينه على أمر دينه وآخرته، ثم يعلم ويعان على طريقة كسب حلال يعف ويعول بها نفسه وأهله وعلى خدمة مجتمعه بما ينفع من أمر الدين والدنيا، وليستعن في ذلك بمدارسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأهم ما يتعين التنبه له فيها أن يسعى العبد في هداية نفسه وحملها على الاستقامة على أمر الله حتى الموت، ويسعى في هداية أسرته ومحيطه الخاص عشيرته وأصدقائه وأهل قريته وما جاورها، ثم يسعى قدر استطاعته أن يعمل ما أمكنه من هداية الخلق عموما، ويدل لهذه الخطوات قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6} وقوله: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ {الشعراء:214} وقوله: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ {سـبأ:28}
وراجع للتوسع في الموضوع كتب التربية وكتب التفسير والسيرة.. والموضوع -كما ذكرنا- يمكن أن تؤلف فيه كتب ويدخل فيه تحقيق الدين الكامل في جميع شعب الحياة في جميع فصائل المجتمع.