الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا نهنئك على ما أعطاك الله من التدين والتربية في عائلة متدينة.
ونفيدك أن وجود الغريزة الجنسية في الإنسان ليس عيبا لحد ذاته فالإنسان مفطور على حب الاتصال الجنسي بالنساء كما فطر على حب الأكل والشرب والنوم، ولكن العيب الشنيع هو عدم الانسجام مع الأوامر والتشريعات الربانية في التعامل مع هذه الغريزة، فالله أرشد من يستطيع الباءة إلى الزواج ووعده عليه الغنى في الدنيا والأجر والثواب على الجماع، وعلى تربية الأولاد تربية صالحة، فقد قال الله تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور: 32} وفي حديث الصحيحين: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء.
فهذا الحديث يفيد أن النكاح هو أحسن الوسائل لغض البصر وتحصين الفرج، ويفيد أن علاج من عجز عن مؤنة النكاح أن يلجأ للصوم فإنه يقمع تلك الشهوة الجامحة بإذن الله، فقد ذكر بعض أهل العلم أن المسلم إذا ابتعد عن أكل المأكولات المنشطة جنسيا، وابتعد عن المثيرات كنظر الحرام والتفكير فيه ومصاحبة أهله، وواظب على صيام الأيام المرغب في صومها كأيام البيض والإثنين والخميس من كل شهر، فإنه بذلك يستطيع السيطرة على شهوته.
وأما اللواط فهو انحراف خطير وفاحشة شنيعة وشذوذ جنسي واضح، وقد عاقب الله الأمة التي بدأ فيها بتدمير قراهم، وجعل عاليها سافلها، ورجمها بأمطار من الحجارة. فالتفكير في اللواط لا يليق بمسلم ولا بعاقل، ولا شك أن العادة السرية أهون منه لمن خاف على نفسه أن يقع في الجريمة الكبرى الزنا واللواط، فبعض الشر أهون من بعض، ولذا روى عن بعض أهل العلم جوازها لمن خشي على نفسه الزنى ولم تمكنه وسيلة غيرها، ولكن ذلك لا يهون من شأن العادة السرية فهي محرمة يجب على المسلم التوبة منها واستخدام الوسائل المساعدة على تركها، وسنحيلك إن شاء الله لاحقا على بعض الفتاوى المساعدة على التخلص منها ومن اللواط والزنا، وبيان أضرار هذه المحرمات في الدنيا والآخرة.
وأما الزواج فهو أنجح وسائل إشباع الغريزة الجنسية بالنسبة لمن كان طبيعيا، وأهم ما يطلب منه هو تحصيل العفة ووجود وسيلة مشروعة يلجأ إليه المسلم كلما جمحت نفسه للحرام، فعليك بالعزم على ترك الفواحش كلها.
وأما الوسوسة بترك الدين بسبب كلام الناس فهو أمر لا يليق بالعقلاء التفكير فيه، فالدين هو دين الله الذي خلقنا وتعبدنا به، ووعدنا عليه حصول فلاح في الدنيا والآخرة، فخطأ بعض الدعاة في أساليبهم الدعوية لا يزهد العبد في التعامل مع ربه الذي خلقه وأسبغ عليه نعمه الظاهرة والباطنة . ومن ترك الدين لايضر إلا نفسه، فيكون مصيره ونتيجة فعله معيشة ضنكا في الدنيا وعذابا أليما في الآخرة، حيث يعيش في النار يقلب وجهه فيها ويكوي جبينه وظهره وجنبه فأي خسارة أعظم من هذا. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 69212، 52421، 23868، 59332، 101582، 30425، 34932، 5524، 70396، 22083.
والله أعلم.