الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يحفظك في بلاد الغربة، وأن يوفقك لنشر الإسلام، وتبليغه للناس.
ولا ينبغي أن يقدم الإنسان على محاورة النصارى أو غيرهم من أهل الكفر، إلا إذا كان متحصنا بالعلم الشرعي الذي يمكنِّه من إقناع المخالف ورد شبهته، وإلا كان هذا الحوار فتنة لأهل الباطل وإضعافاً لموقف أهل الحق.
والنصرانية المحرفة لا تملك حجة صحيحة لإثبات مبادئها، فضلاً عن إبطال مبادئ مخالفها، وكلها نقاط ضعف ووهن، والأمر فيها كما قال الله تعالى: (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) [النور:40].
ويستطيع المحاور أن يتكىء على نقاط عدة منها:
1/ سند الأناجيل التي بين أيدي النصارى، فليس في هذه الأناجيل ما يمكن أن يقال عنه إنه الإنجيل الذي نزل على عيسى عليه السلام، فقد كتبت جميعاً بعد رفع عيسى عليه السلام إلى السماء، وهي أشبه بكتب السيرة والتراجم، تحكي ما حصل لعيسى عليه السلام، ويرد في ثناياها أن عيسى كان يكرز (يعظ) بالإنجيل، فأين هذا الإنجيل المنزّل الذي تتحدث عنه الأناجيل؟!
بل الباحث في الأناجيل الأربعة يعلم قطعاً أنه لا يمكن نسبتها إلى هؤلاء الأربعة بدليل صحيح.
2/ التناقض الظاهر، والاختلاف البين، والأغلاط الواضحة في هذه الأناجيل، مما يقطع بأنها من عند غير الله، قال الله تعالى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء:82].
وقد بين العلامة رحمه الله الهندي في كتابه (إظهار الحق) وجود 125 اختلافاً وتناقضاً في الكتاب المقدس، ووجود 110 من الأغلاط التي لا تصح بحال، ووجود 45 شاهداً على التحريف اللفظي بالزيادة، وعشرين شاهداً على التحريف اللفظي بالنقصان.
وقد ذكرنا أمثلة لذلك في فتوانا رقم: 2105.
وهذا يدحض قول النصارى: أن الأناجيل كتبها أصحابها عن طريق الإلهام، فلو كانت من عند الله لسلمت من هذا الاختلاف.
3/ ما اشتمل عليه هذا الكتاب المقدس - بزعمهم - من نسبة العظائم والقبائح إلى أنبياء الله ورسله الكرام، كالباطل الذي ينسبونه إلى لوط، ونوح، وداود عليهم السلام، وغيرهم.
4/ ما اشتمل عليه كتابهم من البشارة بنبينا صلى الله عليه وسلم، ولا تزال هذه البشارة موجودة رغم كثرة تحريفهم واستمرارهم في التحريف.
5/ قضية التثليث والصلب، فما أشد التناقض والاضطراب الواقع في الأناجيل في هاتين القضيتين، رغم أنهما من ركائز دين النصرانية المحرف.
6/ دراسة تاريخ المجامع النصرانية، ونقض بعضها لبعض، بل تكفير بعضهم لبعض: (كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا) .
ومن تأمل تاريخ هذه المجامع علم أن اختيار هذه الأناجيل الأربعة دون سواها، وتقرير ألوهية المسيح وبنوته، وألوهية الروح المقدس لم يكن لها سند إلا هذه المجامع التي لم يؤخذ فيها حتى برأي الأغلبية! وإنما كانت الكلمة لمن وافق الرومان في وثنيتهم وضلالهم، وكان التحريم والعقاب لمن تمسك بالتوحيد.
ونحن ننصح من يتصدى لهذه المحاورات أن يقرأ عدداً من الكتب النافعة في ذلك، ومنها:
1/ كتاب: إظهار الحق للعلامة رحمة الله الهندي.
2/ اليهودية والنصرانية للدكتور: أحمد شلبي.
3/كتاب: محاضرات في النصرانية للشيخ: محمد أبو زهرة.
4/ كتاب: العقائد الوثنية في الديانة النصرانية: لمحمد طاهر التنير.
5/ كتب ومحاضرات أحمد ديدات.
6/ كتاب الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق: شهادة الإنجيل على أن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه.
وكتابه: الرد على أسئلة توني بولدر وجوفاك وتشكيكاته حول القرآن الكريم، والنبي العظيم.
7/ إضافة إلى الكتب المتقدمة: كالجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لشيخ الإسلام ابن تيمية.
8/ وهداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى لابن قيم الجوزية.
كما يمكنك الإطلاع على الفتاوى التالية: 2105، 6828، 9732، 8210.
ونسأل الله أن يوفقك ويعينك، ويسعدنا التواصل معك، والإجابة على استفساراتك عن طريق مركز الفتوى في هذا الموقع.
والله أعلم.