خلاصة الفتوى:
هذه الكلمات عبارة عن بلاغة القرآن الكريم، وأنه ليس من كلام البشر، فهو أعلى، وأبلغ، وأجمع... من كل كلام، ولهذا شهد له الأعداء بهذه الشهادة التي تضمنت هذه الحقيقة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فهذه الكلمات جزء من كلام طويل للوليد بن المغيرة، يصف فيه القرآن الكريم وبلاغته، وهي كناية عن عذوبة ألفاظ القرآن الكريم، وجزالتها، وحلاوتها... وقوة تركيبه، وسمو معانيه، وأخذه بمجامع القلوب، وعلوه على كل كلام.
جاء ذلك في كتب السيرة والسنة، فمن ذلك ما رواه الحاكم، وغيره، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ عليه القرآن، فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه، فقال: يا عم، إن قومك يرون أن يجمعوا لك مالًا! قال: لم؟ قال: ليعطوكه، فإنك أتيت محمدًا تتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالًا، قال: فقل فيه قولًا يبلغ قومك أنك منكر له، أو أنك كاره له، قال: وماذا أقول؟! فوالله، ما فيكم من رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه، ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن مني، والله، ما يشبه الذي يقول شيئًا من هذا، والله، إن لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته، قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه! قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر، قال: (هذا سحر يؤثر) يأثره عن غيره، فنزلت: ذرني ومن خلقت وحيدًا. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
والله أعلم.