خلاصة الفتوى: اختلف في وجوب قسم الرجل لزوجته التي ليست معه بمحل عمله بل ببلد آخر، وكثير منهم على وجوب القسم لها، وقضاء ما فاتها من حقها في ذلك، ما لم تسقطه أو تمتنع من الحضور إلى محل إقامة الزوج فيسقط حقها لنشوزها، وقيل: لا يجب لها القسم. وعلى الأول فإن على زوجك أن يقضي لزوجته الثانية مدة إقامته معك، فإن سافرت معه لا يقسم لك حتى يقضيها حقها أو تسقطه عنه، وعلى الثاني فلا قسم لها فيما مضى، ويقسم بينكما بليلة لك وأخرى لها، أو حسب ما تتفقان عليه.
فإذا كان للرجل أكثر من زوجة وجب عليه أن يعدل فيما يستطيع من المبيت والنفقة وغيرهما، ولم يفرق كثير من أهل العلم في وجوب ذلك، بينما إذا كانت معه في مكان أو كل واحدة ببلد فيلزمه العدل بينهما لكن حسب المستطاع، وعلى هذا القول فإنه يجب على زوجك أن يقسم لزوجته الثانية مثل ما يقسم لك ولا يؤثرك بالبقاء معك سنة أو سنتين دونها ما لم ترض بذلك أو تتنازل عن حقها في القسم، أو يحضرها إليه إن استطاع ذلك، فإن امتنعت من الحضور سقط حقها لنشوزها، فإن لم يكن هنالك موجب لسقوط حقها في القسم كنشوز أو رضى منها بسقوطه فعليه أن يقضي لها تلك الفترة التي جلس معك، وهذا ما بيناه في الفتوى رقم: 056440.
ومن أهل العلم من قال بعدم وجوب القسم إن لم تكن الزوجة ببلد الزوج أو ليست في محل عمله. قال إمام الحرمين: لا يجب القسم لمن ليس في بلد الزوج، وبه قال مالك.
ونقل الخطاب في مواهب الجليل عن اللخمي قوله: إن الرجل إن كانت له زوجتان ببلدين جاز قسمه جمعة وشهرا وشهرين على قدر بعد الموضعين مما لا يضر به، ولا يقيم عند إحداهن إلا لتجر أو نظر ضيعة. اهـ
وعلى هذا القول لا يلزم القسم وقضاء مدة مكثه معك لزوجته الثانية لأنه أقام معك لعمله، وإذا سافر بك إليها وجب القسم بينكما حينئذ بليلة لك وأخرى لها وهكذا، حسبما تتفقان عليه.
والذي نراه وننصحه به خروجا من هذا الخلاف وإبراء لذمته أن يترضى زوجته الثانية عن تلك المدة أو ينقلها إليه حيث يقيم إن استطاع ذلك، إلا أن تسقط له حقها في القسم وترضى بما هو واقع للحاجة إلى العمل وصعوبة التنقل، أو يطلقها لئلا يظلمها حقها في القسم وفي المكث عنها أكثر من ستة أشهر، إذ لا يجوز له ذلك دون إذنها ورضاها، وللفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 9035.
والله أعلم.