خلاصة الفتوى: أخذ الوالد مال ولده ليس على إطلاقه، وإنما يصح ذلك بشروط لا تعود على الولد بالضرر والإجحاف كما أنه يجوز للولد السفر للعمل والعلم بدون إذن والديه إذا لم يكن ذلك سببا في ضياعهما.
فجواب السؤال في نقاط:
الأولى: حكم أخذ الوالد من مال ولده وفي هذا نقول: إنه يجب على الولد مواساة أبيه من ماله والقيام بالإنفاق عليه إذا احتاج لذلك، وللأب أن يأخذ من مال ابنه ما يحتاج إليه ويتصرف فيه من غير سرف ولا إضرار بالولد، وذلك لما في المسند عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي فقال: أنت ومالك لوالدك، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أموال أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئا.
وأما إذا كان الوالد سينفق ما يأخذه من الابن في السرف أو كان ما يأخذه يلحق الضرر بالابن فإنه ليس للابن تمكين الأب من الأخذ من ماله لئلا يعينه على باطل، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه الإمام مالك وغيره.
وإذا قلنا إن الأب يأخذ من مال ولده ما يحتاج إليه فقط كما هو قول جماعة من أهل العلم فلا حرج على الولد في عدم تمكين والده من أخذ غير ذلك.
النقطة الثانية: لا يجوز للزوج أن يأخذ من مال زوجته العاملة شيئا إلا بطيب نفس منها ونفقة البيت على الزوج لا على الزوجة.
النقطة الثالثة: إذا كان سفر الولد للعمل أو للدراسة آمنا ولا مخاطر يخشى منها الهلاك لا في طريقه ولا في عمله، وبلد إقامته، ولا يخشى على أبيه من الضياع لو سافر عنه فلا مانع من سفره بدون إذن والده وإن مانع من سفره.
قال الإمام السرخسي الحنفي في شرح السير الكبير: وكل سفر أراد الرجل أن يسافر غير الجهاد لتجارة أو حج أو عمرة فكره ذلك أبواه وهو لا يخاف عليهما الضيعة فلا بأس بأن يخرج لأن الغالب في هذه الأسفار السلامة، ولا يلحقهما في خروجه مشقة شديدة، فإن الحزن بحكم الغيبة يندفع بالطمع في الرجوع ظاهرا إلا أن يكون سفرا مخوفا عليه منه نحو ركوب البحر فحينئذ حكم هذا وحكم الخروج إلى الجهاد سواء لأن خطر الهلاك فيه أظهر.
والسفر بقصد التعلم إذا كان الطريق آمنا وإلأمن في الموضع الذي قصده ظاهرا لا يكون دون السفر للتجارة بل هذا فوقه لقوله تعالى: وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ {التوبة:122} فلا بأس بأن يخرج إليه وإن كره الوالدان إذا كان لا يخاف الضيعة عليهما.
قال: وإن كان يخرج في التجارة إلى دار الحرب بالأمان فكرها ذلك فإن كانوا قوما يفون بالعهد معروفين بذلك فلا بأس بأن يخرج لأن الغالب هو السلامة فصار هذا والخروج إلى بلدة أخرى من دار الإسلام سواء. انتهى.
النقطة الرابعة: لا يجوز للولد طاعة والده في الاقتراض بالفائدة لأنه ربا ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وفي ضوء ما تقدم فإن للولد أن يقرر ما يفعله وما يعود عليه بالمصلحة في دينه ودنياه.
والله أعلم.