الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فسؤالك ذو شقين الأول عن حكم المحرم الذي يقصر أو يحلق لنفسه أو لغيره ممن أراد التحلل، فهذا جائز عند جمهور الفقهاء وهو الراجح خلافاً للحنفية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 47571.
والشق الثاني عن صفة التحلل المذكورة فهي خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، بل المشروع أن يأخذ المتحلل من شعره كله أو يحلقه كله، وذلك واجب من واجبات الحج، عند جمهور الفقهاء، واختلفوا في القدر الواجب حلقه أو تقصيره، فعند المالكية والحنابلة الواجب حلق جميع الرأس أو تقصيره، وقال الحنفية: يكفي مقدار ربع الرأس، وعند الشافعية: يكفي إزالة ثلاث شعرات أو تقصيرها.
والراجح هو القول الأول، وهو هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: خذوا عني مناسككم. كما أنه هدي صحابته، قال الحمد في شرح زاد المستقنع (فقه حنبلي): واعلم أن التقصير المجزئ هو التقصير الشامل كله لعموم الرأس، ولا يقصد من ذلك أن يشتمل كل شعرة فإن هذا لا يسع الناس فعله؛ إذ لا يمكن للشخص أن يعلم دخول كل شعرة في التقصير إلا بالحلق، لكن المقصود أن يقصر من عموم رأسه بحيث يظن ظناً غالباً أن هذا التقصير قد شمل الرأس كله، هذا هو المشهور عند الحنابلة. خلافاً لمذهب الشافعية وأنه يجزئه أن يأخذ من ثلاث شعرات، فالصحيح مذهب الحنابلة، لقوله تعالى: مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ. وقوله (رؤوسكم) عام للرأس كله، فواجب أن يعم الرأس كله حلقاً أو تقصيراً، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق رأسه كله وفعله بيان للأمر فيعطى حكمه. انتهى. وعلى ما سبق فالأحوط على من لم يفعل ذلك أن ينسك دماً.
والله أعلم.