خلاصة الفتوى: التعويض إنما يلزم السائق أو عاقلته، بشرط أن يحصل منه تفريط. وإذا التزمت به شركة التأمين فلا مانع من أخذه منها من باب الحمالة. والواجب في الفائدة الربوية هو أن تصرف في مصالح المسلمين العامة. وتجب الزكاة في هذه الأموال إذا كانت مملوكة ملكا شرعيا وحال عليها الحول بالغة النصاب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أنه لا يخفى أن الاقتراض بالربا محرم ولا يجوز الإقدام عليه إلا لضرورة لا يمكن دفعها إلا به. وحد الضرورة –كما بين أهل العلم- هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل. وفيما يخص موضوع سؤالك، فإن الكلام فيه يكون في ثلاث نقاط هي:
1. مشروعية التعويض والجهة التي تتحمله.
2. الفائدة الربوية.
3. زكاة مال التعويض.
وحول النقطة الأولى، فإن حوادث السير إذا لم يخالف السائق فيها قوانين المرور، فإن ما يحصل منها يكون هدرا ولا تعويض فيه. وكنا قد بينا هذا الحكم من قبل، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 2152.
وإذا حصلت مخالفة من السائق أو تفريط فإن الذي يتحمل التعويض هو السائق نفسه أو عاقلته إذا كان الأرش يبلغ ثلث الدية.
ومن هذا تعلم أنك إذا كنت أنت السائق فليس لك الحق في التعويض، وكذا إذا كان السائق غيرك ولم يخالف قوانين المرور، اللهم إلا القدر الذي دفع لتأمين السيارة، فهذا يمكن أخذه من شركة التأمين على أي وجه؛ لأنه مأخوذ بغير حق.
وإن كان السائق غيرك، وقد خالف قوانين المرور فلك الحق في التعويض من عاقلته؛ لأن الأرش يبلغ أكثر من ثلث الدية.
وفي هذه الحالة فإن شركة التأمين إذا تولت التعويض فلا بأس في أخذه منها، ويكون ذلك من باب الحمالة.
وحول النقطة الثانية، فإن التعويض إذا حكم به فإنه يستقر في ذمة من لزمه أو التزمه، ولا يجوز أن يزاد فيه بعد ذلك لسبب تأخير التسديد؛ وتلك الزيادة هي عين الربا.
والفوائد الربوية لا يجوز تملكها، ولا ترد للجهة المرابية؛ لئلا تنتفع بها في عملها الفاسد، وإنما تصرف في مصالح المسلمين العامة.
وعليه، فالواجب صرف هذه الفائدة في مصرفها الشرعي، وليس لك أن تنتفع بها في قضاء ديونك، طالما أن لك من المال ما يغنيك عن ذلك.
وحول النقطة الثالثة، فإن ما ملك من هذه الأموال ملكا شرعيا فإنه تلزم زكاته عند حولان الحول عليه إذا كان نصاباً بنفسه أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة.
وأما زكاته عن السنين الماضية فإنها لا تجب عما مضى قبل الحكم به؛ لأنه في ذلك لم يكن مملوكا.
وفيما بعد الحكم ينظر إلى حاله، فإن كان ميؤوسا منه، لكون الشركة لا تنالها الأحكام، أو لكونها مفلسة أو مماطلة، ونحو ذلك... فإن زكاته لا تجب أيضا. وإن كان مرجوا فإنه تجب فيه الزكاة.
والله أعلم.