خلاصة الفتوى: ما ذكر عن الأم وبناتها لا يجوز، ولكنه لا يبيح للأبناء قطيعتها ولا قطيعة أخواتهم. ولهم أن يتفادوا الإساءة ما استطاعوا.
فليس من شك في أن ما ذكرته عن هذه الأم وبنتها، بل وبناتها الأخريات من سوء معاملة وتحريش بين أفراد العائلة وكذب وشتائم ونميمة... يعتبر خطأ فادحا ولا يجوز لهن الاستمرار عليه.
ولكن بالمقابل فإن للأم على أبنائها حقا كبيرا، ويعتبر برها وإرضاؤها من آكد الواجبات، فقد قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف:15}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: أي الناس أحق بالصحبة قال: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك. رواه مسلم.
وعن معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك. فقال هل لك من أم؟ قال نعم. قال فالزمها فإن الجنة عند رجلها. رواه أحمد والنسائي والبيهقي في شعب الإيمان.
كما أن الدين الحنيف قد أكد على صلة الرحم وحرم قطعها، وقد اتفقت الأمة على ذلك؛ لقول الله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ {النساء: 1}. والمعنى: اتقوا الله أن تعصوه، واتقوا الأرحام أن تقطعوها.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها" رواه البخاري.
فإذا علمت هذا عرفت أنه ليس من المباح للأبناء أن يمتنعوا عن زيارة أمهم، ولا أن يقطعوا رحم أخواتهم.
ولهم أن يتفادوا ما يمكن أن يصيبهم من الأذى عند زيارة الوالدة.
وعلى زوجاتهم أن يعنَّهم على البر والصلة.
ونسأل الله أن يصلح حال أسرتكم ويسلك بها مسالك الخير.
والله أعلم.