الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن الفتوى رقم: 105486، إنما تتعلق بترك الإنفاق على الزوجة وتشويه صورتها أمام أبنائها، وليس فيها شيء مما بينته في السؤال، ولعلك تقصد الفتوى رقم: 105648 لأنها هي التي تشتمل على هذه الملاحظات التي قدمتها.
وفيما يخص موضوع سؤالك نقول: إن نهينا عن وصفك لما قامت به والدتك بعمل الشيطان ليس معناه أنها مصيبة فيما قامت به، ولكن الله تعالى قد أمر الأبناء بالقول الكريم للآباء ولم يقيد ذلك بأن يكون الآباء على صواب، وأما سؤالك الثاني فندمج الجواب عليه مع جواب السؤال الثالث، ومع ما ذكرته أيضاً من أننا لم نرد عليه من موقف أخيك الأصغر الذي أطاع أباه في ما ليس فيه طاعة... فنقول: إنا قد أفتيناك بأن الذي قام به أبوك يعتبر في حكم الوصايا، إذْ هو لا يمكن اعتباره تركة، لأن التركة لا تصح إلا بعد وفاة المورث، ولا يمكن اعتباره هبة لأن من شروط تمام الهبة أن تحاز قبل موت الواهب، والظاهر أن هذه الأملاك لم تحز، بدليل أن أباك لم يزل يغير فيها ويوصي ببعض الإجراءات التي ستنفذ بعد موته مثل قولك ... وكذلك ذكر أن حصتي من الدار في الموقع (ص) هي باسم أخي الأصغر وتحول باسمي بعد مماته، وذكر أن جميع المصاريف المترتبة على ذلك تؤخذ من التركة... إلى غير ذلك مما أطلت في تبيينه، لهذا أفتيناك بأن جميع متروك أبيك يعتبر إرثاً بينك وبين بقية الورثة على الفريضة الشرعية، ويستوي في هذا ما كتب بأسماء إخوتك وما كتب باسمك أو اسم أمك أو غير ذلك مما لم تتم حيازته في حياة الأب، وهذا الذي أفتينا به فيه إصلاح للخطأ الذي قلت إن أباك قد ارتكبه، ونحسب أيضاً أنك لست مغبوناً فيه، لأنك ستجد حصتك من جميع أموال الأب.
ولو قدر أنك مغبون فيه باعتبار أن الإجراءات التي قام بها الأب كانت هبات وأن بعض الورثة قد حازوا موهوباتهم في حياة الأب، فإن جمهور أهل العلم على أن هبة الأب للأبناء إذا تمت ولم يستردها قبل موته فإنها تمضي ولا تدخل في التركة، ولكن المرجح عندنا أن ذلك يرجع ولا يعمل به، لأنه جور كما بينا من قبل في فتاوى كثيرة، ولك أن تراجع للمزيد في ذلك الفتوى رقم: 6242.
وعليه، فالذي يمضي مما حيز منه هو ما وهب للأم، وأما ما وهب للأولاد فإنه راجع إلى التركة على كل حال، ما لم يكن للأب مسوغ شرعي في هبته لهم، ونحسب أن هذا القدر يكفي لجميع ما استشكلته من فتوانا.
والله أعلم.