خلاصة الفتوى:
ينبغي للمسلم أن يسأل الله العافية على كل حال، فإذا نزل به البلاء صبر عليه وسأل الله تعالى رفعه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج على المسلم أن يدعو بما أحب مما ينفعه في دينه ودنياه، ولكن ينبغي له أن يركز على الأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- وجملة: اللهم اجعلني من الصابرين بالبلاء في الدعاء المذكور ينبغي للمسلم أن يتجنبها لما فيها من تمني أسباب البلاء، والأولى والأفضل للمسلم أن يسأل الله العافية بدلا من الصبر على البلاء، وإن كانت وردت أحاديث كثيرة في فضل الصبر على البلاء، فإن ذلك بعد وقوعه، وليس فيها دليل على الترغيب في طلبه ابتداء، بل الوارد هو النهي عن تمني البلاء.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يسأل الله دائما العافية، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي. قال: يعني الخسف... الحديث رواه أحمد وأبوداود وغيرهما وصححه الألباني.
وفي مسند الإمام أحمد أن العباس قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله علمني شيئا أدعو به. فقال: سل الله العفو والعافية. قال: ثم أتيته مرة أخرى فقلت: يا رسول الله علمني شيئا أدعو به. قال: فقال: يا عباس يا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم: سل الله العافية في الدنيا والآخرة. حسنه الأرنؤوط.
وقال صلى الله عليه وسلم : أيها الناس؛ لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا.. الحديث متفق عليه.
وفي صحيح مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل كنت تدعو الله بشيء أو تسأله إياه. قال: نعم كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله لا تطيقه أو لا تستطيعه، أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. قال: فدعا الله له فشفاه.
ولهذا استحب أهل العلم سؤال العافية قبل وقوع البلاء، وكرهوا سؤال الصبر قبل وقوعه، فإذا نزل صبروا عليه وسألوا الله رفعه.
ولا شك أن إخواننا الصابرين المحتسبين.. في فلسطين وفي غيرها لهم من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلا الله تعالى، كما قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب {الزمر:10}
فعلينا أن نساعدهم بكل مستطاع وخاصة الدعاء لهم بالثبات والصبر والنصر.. وأما دعاء المسلم على نفسه وأن يصيبه ما أصابهم فهذا لا ينبغي.
وبهذا تعلم أنه لا ينبغي لك أن تتمنى أن تصاب بالضر في نفسك حتى تصبر .
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى: 105320 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.