الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فللرد على هذا السؤال تجدر الإشارة إلى ما يلي:
1- أن حرصك على صلة رحمك وأن لا تثير الدعوى والترافع عند المحاكم خلافاً بينك وبين إخوتك... هو من حسن النية، ومن الأخلاق الفاضلة التي يحسن بك أن تبقى عليها ما استطعت ذلك.
2- أن موافقة الإخوة على طلبك البناء على السطح قبل وفاة الوالد تعتبر من إسقاط الحق قبل وجوبه، وذلك غير لازم عند أهل العلم.
3- أن بيت الوالدين هو من جملة الإرث، وليس للأخوين الكبيرين فيه ولا في شيء من متروك الوالدين من الحق إلا بقدر نصيب كل منهما من التركة، وبالتالي فليس من حقهما الاستمرار في تأخير تقسيم التركة، بل الواجب أن يعطي لكل ذي حق حقه، ولا يؤخر شيء من ذلك إلا لموجب يقتضي التأخير.
4- أن قبولك تنفيذ رغبة الوالد والبناء على السطح لا يجعلك مالكاً لهذا السطح، وإنما يعتبر عارية، والعارية إذا انقضى أجلها أو ما يقتضيه العرف إذا لم تكن مؤجلة فإن من بنى فيها يكون له الحق في قيمة بنائه منقوضاً، ففي الدردير عند قول خليل في الهبة: لا بابن مع قوله داره... قال: أي لا تكون الهبة بقوله لولده ابن هذه العرصة داراً مع قوله أي الوالد: داره، أي دار ولدي، وكذا قوله: اركب الدابة مع قوله دابته لجريان العرف بذلك للأبناء مع عدم إرادة التمليك وكذا المرأة تقول ذلك لزوجها، بخلاف الأجنبي... ثم للولد أو الزوج الباني قيمة بنائه منقوضاً. انتهى.
وعليه، فالواجب أن تقوم الدار دون ما بنيته أنت، ثم يقوم بناؤك منقوضاً... فلو قيل مثلاً إن قيمتها قبل البناء 5000 وقيمة الأدوات التي يمكن الانتفاع بها من البناء 1000 كان سدسها خاصاً بك تستقل به دون الورثة، ثم تشاركهم الخمسة أسداس الأخرى، وقس على ذلك.. ولكن يجدر هنا أن نلاحظ أمراً، وهو أن هبة الأب السطح للابن إذا كان في عرف البلد يعتبر هبة وليس عارية فإن ذلك يعمل به لأن مثل هذا يعمل فيه بالعرف.
5- أن كون رخصة البناء باسم الوالد لا يمنعك مالك من الحق فيه، طالما أنه ثابت لك بالبينة أو اعتراف الورثة.
6- أن الذهاب إلى المحاكم في مثل هذه الحالة قد يكون متعيناً، لأن مثل هذه الحقوق المتداخلة لا يستطيع تمييزه إلا المحاكم المختصة، لكن ينبغي أن لا يغير ذلك ما يجب أن يكون بين الإخوة من التراحم والتفاهم... ونسأل الله أن يصلح أموركم ويوفقكم لما تستعيدون به وحدتكم.
والله أعلم.