الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجوز في الأصل أن يهب الأب جميع أمواله لأولاده، وتكون هبة صحيحة إذا ملكهم إياها في حياته وفي حال صحته وصاروا يتصرفون فيها تصرف المالك، ولكن لا ينبغي فعل ذلك على سبيل الحيلة لحرمان بعض الورثة -كأبناء الأخ أو غيرهم-، جاء في عمدة القاري لبدر الدين العيني عن محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة -رحمهما الله- قال: ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق. اهـ.
وقد نص العلماء على أن الحيل محرمة في الشريعة، وأنها من أفعال اليهود التي استحقوا بها اللعن، وأن النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا كانت الأفعال موافقة أو مخالفة؛ كما نص عليه الشاطبي في الموافقات وقال عن الحيل: حقيقتها المشهورة تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي وتحويله في الظاهر إلى حكم آخر، فمآل العمل فيها خرم قواعد الشريعة في الواقع كالواهب ماله عند رأس الحول فرارًا من الزكاة، فإن أصل الهبة على الجواز .... صار مآل الهبة المنع من أداء الزكاة وهو مفسدة ولكن هذا بشرط القصد إلى إبطال الأحكام الشرعية. انتهى.
وهذا ينطبق تمامًا على حال السائل، فإنه يريد أن يهب أمواله لبناته، وهذا جائز في الأصل؛ لكنه قصد بذلك حرمان بعض الورثة وهذا حرام، ولا شك أن أبناء الأخ هم من جملة الورثة، والدليل على توريثهم جاء في السنة في قوله صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر. متفق عليه. وانظر الفتويين: 71872، 75564.
والله أعلم.