خلاصة الفتوى:
عاش النبي صلى الله عليه وسلم يتيماً، وفي بيئة جاهلية لا يكتب ولا يقرأ، ولكن إرهاصات النبوة وعلامات النبوغ كانت تشاهد عليه عند ميلاده وقبله وبعده، والغفلة المذكورة في الآية هي انتفاء العلم بتلك القصة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم عاش يتيماً، والراجح أن أباه توفى قبل ولادته، وقيل بعدها بسبعة أشهر، وتوفيت أمه قبل أن يصل إلى السابعة من عمره صلى الله عليه وسلم، وقد شاء الله تعالى أن يعيش النبي صلى الله عليه وسلم في كفالة جده ثم في كفالة عمه لحكمة أرادها، فقال سبحانه وتعالى: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى {الضحى:6}، وأما قول الله تعالى المشار إليه فهو قوله تعالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ {يوسف:3}، فالغفلة هنا انتفاء العلم بهذه القصة (قصة يوسف) وكونه صلى الله عليه وسلم كان من الغافلين لأن البيئة التي يعيش فيها لا تعلم شيئاً عن الوحي والإيمان وقصص الأنبياء، وكان أمياً لا يكتب ولا يقرأ، كما قال الله تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا {الشورى:52}، وكما قال تعالى: وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ {العنكبوت:48}.
وقال أهل التفسير: (الغفلة): انتفاء العلم، لعدم توجه الذهن إلى المعلوم، والمعنى المقصود من الغفلة ظاهر، ونكتة جعله من الغافلين دون أن يوصف هو وحده بالغفلة للإشارة إلى تفضيله بالقرآن على كل من لم ينتفع بالقرآن فدخل في هذا الفضل أصحابه والمسلمون على تفاوت مراتبهم في العلم.
والله أعلم.