الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب عليك الحذر أولا من الإصغاء لشبهات أهل الباطل، فقد قال تعالى، وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ {الأنعام:121}
واعلم أن الإسلام جاء أصلا بإبطال عبادة غير الله تعالى سواء كان رسولا وملكا أو غير ذلك، وقد جاء النهي الصريح في كتاب الله عن عبادة الشمس والقمر؛ كما قال تعالى: وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا للهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ {فصِّلت:37} بل وقد نهى الشرع عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها لما في ذلك من التشبه بالكفار الذين يعبدونها.
وأما الهلال فهو مخلوق ترتبط به عبادات المسلمين من حيث التوقيت فحسب. قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِّ {البقرة:189} وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا رأى الهلال قال: اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله. رواه الإمام أحمد والترمذي.
ولم يرد ما يدل على وضع الهلال رمزا على المنارات أو المساجد وغيرها، ولا يعني هذا عدم جواز مثل هذا الفعل إذا اقتضته مصلحة راجحة، فقد جعل المسلمون منارات للمساجد ولم يكن ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكره أحد، وهكذا هنا في أمر الهلال، فأول من وضعه على المساجد ونحوها هم الأتراك العثمانيون تمييزا لمؤسسات المسلمين عن مؤسسات أهل الصليب، وهذه مصلحة بينة ومعتبرة وجرى عليها عمل المسلمين من غير نكير، وراجع الفتاوى:27040، 42652، 66549.
وأما القول بأن في هذا وثنية وعبادة للهلال، فمن المغالطات المكشوفة والتي يقصد منها التلبيس والجدال بالباطل، فلو حكم على هذا الفعل بكونه عبادة لمجرد وضع الهلال فيلزم من ذلك أن من وضع شيئا شعارا كان عابدا له ولا يقول بهذا عاقل، وإن كان لتعظيمه له ومكانته عنده كان عابدا له للزم من ذلك أن يكون المسلمون عابدين لبيت المقدس لكونه معظما عندهم، ولكان المسلمون عابدين للكعبة والبيت الحرام لكونها معظمة عندهم وهكذا.
والله أعلم.