خلاصة الفتوى:
مدار التفضيل في الإسلام إنما هو على تقوى الله، ومن رفض التزويج لمن توفرت فيه معايير الكفاءة فإنه لا يأثم؛ لأن الأمر بالتزويج الوارد في الحديث الشريف محمول على الندب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولا أن مدار التفضيل والتشريف في الإسلام هو على الإيمان والتقوى، كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ{الحجرات: 13}.
وقال صلى الله عليه وسلم: لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى، الناس من آدم، وآدم من تراب. رواه أحمد.
وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الأسدية من زيد بن حارثة مولاه، وزوج فاطمة بنت قيس القرشية من أسامة وهو وأبوه عتيقان، وتزوج بلال الحبشي من أخت عبد الرحمن بن عوف الزهرية القرشية مع أنه حبشي أسود، وغير ذلك كثير...
ثم اعلم أن قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، كما رواه الترمذي وغيره، ليس معناه أن يكون الخاطب مرضيا في سلوكه بنسبة 100%، ولو كان الحال كذلك لما ساغ أن يزوج شخص في هذا الزمان. وإنما يكفي أن لا يعلم عن الخاطب انحراف في دينه أو سلوكه.
ثم هذا الذي نسبته لـ عمر من أمر التحري في التزكية إنما يتعلق بالشهود عند التقاضي، وهو أمر يجب فيه التحري كثيرا لما يتعلق به من تأكيد الحقوق أو نقلها.
ثم ينبغي أن تعلم أيضا أن الدين لا يلزم المرء بتزويج الخاطب ولو كان مرضيا في دينه وخلقه؛ والأمر بتزويجه الوارد في الحديث محمول على الندب.
وننبه السائل الكريم إلى أننا نعرف لإخواننا الشراكسة فضلهم العظيم على الإسلام والمسلمين ونعتز بهم ولم ننسب لهم أي سوء، غير أننا نصحناهم بما نصحنا به القبليين من العرب وغيرهم وهو أسلوب خال من أي تشنيع أو تشهير، لم نزد فيه على بيان أن الفضل في الإسلام للأتقى والأكثر تمسكا بالدين وهو ما يجب أن يكون معيارا للقبول بالخاطب والمخطوبة.
والله أعلم.