الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته من قصتك السابقة هو ابتلاء واختبار لك من الله تعالى، ويبتلى الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل كما في الحديث الصحيح، فاصبر واحتسب، أما طاعة والدك فلا تكون إلا فيما يرضي الله، فإذا أمر بمعصية فلا يطاع ولكن يصاحب بالمعروف، وأما الدعاء وأهميته فقد ذكرنا ذلك في فتوانا رقم: 57914، وفي فتوانا رقم: 28652، جوالب الرزق فراجعهما.
وأما خدمات نقل البضائع فهي إجارة جائزة على ما تتفقان من العمل والأجر المعلوم، وأما التخليص الجمركي وما فيه من رشوة فاعلم أن دفع الرشوة حرام، إلا أنا بينا في فتوانا رقم: 8097، أن دفع هذه الرشوة ظلما هو من المكس المحرم أخذه، وقد نقل الذهبي في الكبائر الإجماع على أن آكل المكس شر من الزاني وشارب الخمر، فإذا اضطر دافع المكس لدفعه لدرء ظلم ونحوه فلا مانع حينئذ والإثم على آخذه، وقد فصل شيخ الإسلام في الفتاوى ذلك تفصيلا مبسوطا وأفادت فتاواه أن الإنسان المجبر على المكس من ظالم لا حرج عليه.
وأما كون رزقك من الشبهات فإن وجدت غيره تركته، وإلا فقد نقل الشاطبي في الموافقات عن مالك أن الارتزاق من الشبهات أولى من سؤال الناس.
والذي نوصيك به هو المزيد من الصبر والتقوى حتى تنجح في هذا الاختبار الذي لا ينجح فيه إلا الموفقون المفلحون فإن النجاح فيه يفضي إلى السعادة الأبدية بإذن الله تعالى، فأيقن بذلك ولك فيمن سبقك من الأنبياء وصالحي هذه الأمة أسوة حسنة، فاقرأ سيرهم ووطن نفسك على أن يكون همها اللحاق بهم والحشر في زمرتهم، فستسمو حينئذ عن الالتفات إلى الدنيا وزهرتها، ويسهل عليها كل ما تلقى في سبيل ذلك. ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية: 32683، 5860، 35951.
والله أعلم.