الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ارتكاب الذنوب والتفريط في جنب الله مما يقسي القلب ويبعد المرء من ربه فالحذر الحذر لئلا يدركك الموت وأنت على حين غفلة، فسارع إلى التوبة النصوح وخذ بأسباب الاستقامة عليها وجانب مسالك الوقوع في المعصية، واحذر خطوات الشيطان، وأكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، ولازم صحبة الأخيار فإنك إن فعلت ذلك مع المداومة على الالتجاء إلى الله تعالى والتضرع إليه فلن تغلبك نفسك ولن يكون للشيطان عليك سبيل بإذن الله تعالى، ثم لا تقنط من رحمة الله تعالى، بل إن الله يقبل توبة عبده ويغفر خطيئته وزلته.
وقد قال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
فمن تاب تاب الله عليه وإن استزله الشيطان في غفلة فإنه يجب عليه أن يتوب ويعزم عزما جازما ألا يعود ولا يضره ذلك الاستزلال ما دام يحسن التوبة الصادقة النصوح بشروطها المعروفة، فكل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون كما في الحديث، فاستتر بستر الله عليك، وأبشر بتوبته ومغفرته
فإنه يقول: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً.{النساء:17}
وقال: ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ {التوبة:118}
فأحمده سبحانه أن وفقك للتوبة وهداك للإنابة إليه، واعلم أن تلك نعمة عظيمة ومنة جليلة فاحمده عليها واشكره يزدك من فضله ويشملك بلطفه وإنعامه.
ولا تتمنى الموت فقد جاء النهي عن ذلك كما في قوله صلى الله عليه وسلم : لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه فإن كان لا بد فاعلا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي . رواه البخاري.
واحذر من اليأس والقنوط فإن ذلك من مداخل الشيطان، وأما الفتاة التي خطبتها فننصحك بالحرص عليها والزواج بها ما دامت ذات خلق ودين ولا تحتقر نفسك بسبب ما وقعت فيه من الخطأ فإنه قد زال بالتوبة وأنت رجل صالح نحسبك كذلك لما ذكرت من انكسارك عند الذنب وتحسرك على الخطيئة، وتلك سيما الصالحين، فانس ما فات لأن التوبة قد محته وأحسن فيما يستقبل.
والله أعلم.