الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فوالد السائلة مات وترك مالا وعقارا لم يكمل ثمنه، فالعدل الذي أمر الله تعالى به أن تكون هذه التركة بين البنتين والولدين والزوجة إن انحصر الورثة فيهم حسب أنصبتهم الشرعية، لقوله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ {النساء:7}.
وعليه فقول الأخوين إنهما سيقسمان المال الموضوع في الشقتين بحسب الشرع فيعطيان كل واحد من الورثة نصيبه، أما الشقتان فيحتفظان هما بهما ويكملان أقساطهما ثم يتملكانهما كلام مخالف للشرع، بل الأختان والزوجة لهما في الشقتين نصيب أيضا لأن المال بعد وضعه في الشقتين لم يصبح مالا نقديا وإنما أصبح مالا عينيا، وهو هاتان الشقتان، فلا يجوز أن ينفردا دون باقي الورثة بتملك الشقتين، بل لكل وارث نصيب مشاع فيهما، وله أن يبيع هذا النصيب وينتفع بثمنه، كما له أن يحتفظ به ويؤجره، وسواء أوصى الوالد للأخوين بشيء أو لم يوص، فوصيته إن حصلت فهي لوارث، والوصية لوارث باطلة لحديث : لا وصية لوارث. رواه أحمد، ولكن إن رضيت الأخت السائلة بالتنازل للأخوين عن نصيبها في الشقتين برضى نفس منها وبدون تدليس أو إكراه من قبل الأخوين فلا يحق لها الرجوع عن هذه الهبة، وراجعي في مسألة رجوع الأم عن الهبة لولدها الفتوى رقم: 33730.
وأما عن البنت التي وصفتها السائلة بأنها مصابة بإعاقة ذهنية فإن كانت هذه البنت مصابة حقا بتلك الإعاقة ولا تحسن التصرف في المال فلا يحل الاستيلاء على نصيبها من الميراث وإن أذنت لأن إذنها غير معتبر لسبب إعاقتها المذكورة، وإن كانت بالغة رشيدة فحكمها حكم أختها.
وبالنسبة لامتناع الأخوين عن قسمة الميراث بين الورثة بعد مضي ستنين على وفاة المورث مع مطالبة الآخرين بالقسمة فإن هذا يعد عملا محرما ومنعا لأصحاب الحق من الانتفاع بحقهم، وراجعي هذه الفتوى رقم: 99010.
وإذا امتنع الأخوان عن الاستجابة لطلب أختهم ورد الحقوق إلى أهلها فيجوز لها مقاضاتهم وشكايتهم إلى من ينصفها، وراجعي في حكم بقاء أمك في الشقة المؤجرة إجارة مؤبدة الفتوى رقم: 58077.
والله أعلم.