الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن علم الغيب هو مما اختص الله تعالى به، قال الله عز وجل: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ {النمل:65}. ويقول: وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إلا هو.. {الأنعام :59} .
وقد يطلع الله بعض خلقه على شيء من ذلك، ومن ذلك استراق الشياطين للسمع وما يوحون به إلى أوليائهم من الكهنة والدجاجلة المشعوذين؛ كما قال تعالى: لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ* دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ* إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ {الصافات: ٨ ،9 ،١٠} وقال تعالى: وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيم* إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ. {الحجر: ١٧ -18}
وهذا الشاب لا يعدو أن يكون واحدا من هؤلاء الدجاجلة والكهنة الذين يأخذون عن الشياطين، وقد يصيب مرة فيما يخبر به ولكنه يخطئ مرات كما ورد في الحديث، والكاهن هو من يدعي الغيب ويتعاطى الأخبار عن المستقبل ويدعي معرفة الأسرار.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم محذرا من إتيان هؤلاء أو تصديقهم : من أتى كاهنا أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة .
ونص العلماء على أن من اعتقد في شخص أنه يعلم الغيب أن ذلك كفر مخرج من الملة .
وعليه؛ فالواجب عليك أن تحذر كل الحذر من هذا الشخص كما يجب أن تعلم أن مثل هذا الشخص لا يقدر إلا على ما أقدره الله عليه ولا يعلم إلا ما قدر الله أن يعلمه وذلك لحكمة ابتلاء العباد؛ كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ {البقرة:102}.
واعلم أيضا أن كيده من كيد الشيطان وأن كيد الشيطان كان ضعيفا.
وأما إبعاده فلا يكون إلا بهجره وعدم تمكينه من الدخول عليكم وعدم السماح له بالاختلاط بكم فبذلك ينزجر وتسلمون من شره وضرره بإذن الله ، وعليك بنصح أهلك وبيان الحق لهم وتحذيرهم من مغبة مخالطة هذا الشخص وخطر تصديقه على دينهم . وأنه لو لم يكن فيه إلا كونه كافرا كفرا أصليا لكان ذلك كافيا في عداوته وترك مخالطته والبراء منه ، فكيف وقد جمع إلى ذلك الدجل والشعوذة ؟!
والله أعلم.