الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما يفعله صديقك من عدم أخذ رشوة من المراجعين للدائرة التي يعمل فيها هو الصواب الذي لا يجوز غيره لأن ما يأخذه الموظف مقابل عمله الواجب الذي يتقاضى عليه أجرا يعد رشوة محرمة، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 60670.
وبالنسبة لما سألت عنه.. فإن جوابه يستوجب أولا الجواب عن حكم العمل في مصلحة الضرائب، والعمل في مصلحة الضرائب ينبغي أن يقال فيه إن الضرائب نوعان: ضرائب مشروعة وأخرى ممنوعة، وتقدم ذكر النوعين في الفتوى رقم: 26096، فالنوع الأول يجوز العمل فيه، وإذا أعطي الموظف الحق في تقدير الضريبة فيجب عليه أن يسلك فيها طريق العدل والرفق بالناس.
والنوع الثاني: لا يجوز العمل فيه أصلا إلا لمن قصد دفع الظلم عن الناس أو تخفيفه عنهم، ويعلم أنه إن ترك ذلك تولى هذا المنصب من لا يفعل ذلك بل قد يزيد في الظلم.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل متولي ولايات ومقطع إقطاعات وعليها من الكلف السلطانية ما جرت به العادة، وهو يختار أن يسقط الظلم كله ويجتهد في ذلك بحسب ما قدر عليه وهو يعلم أنه إن ترك ذلك وأقطعها غيره وولي غيره فإن الظلم لا يترك منه شيئا بل يزاد وهو يمكنه أن يخفف تلك المكوس فهل يجوز لمثل هذا بقاؤه على ولايته وهل عليه إثم في هذا الفعل أم لا؟
الجواب: الحمد لله، نعم إذا كان مجتهدا في العدل ورفع الظلم بحسب إمكانه، وولايته خير وأصلح للمسلمين من ولاية غيره، فإنه يجوز له البقاء ولا إثم عليه بل بقاؤه على ذلك أفضل من تركه إذا لم يشتغل إذا تركه بما هو أفضل منه. اهـ بتصرف.
فإذا تقرر ذلك فإنه يجوز للأخ السائل التوسط في الضرائب المشروعة وأخذ أجرة على ما يبذله من جهد في إنجاز معاملات الشركات في هذا النوع، وفي النوع الثاني إذا كان صديقه يقصد تحقيقها والتقليل منها بقدر ما يستطيع، فلا بأس أيضا أن يأخذ مقابل ما بذله من جهد في إنجاز ذلك، وأما إن كان صديقه لا يقدر ولا يمكنه ذلك فلا يجوز له أن يأخذ لأن المعنى الذي جوزنا من أجله العمل في هذا النوع مقصود، فعاد الأمر إلى الأصل وهو المنع، وعلى تقدير الجواز فإنه لا يجوز لصديقه أن يحابي بتقديم معاملاتهم أو تخفيض الضريبة عنهم لمجرد كونهم توسطوا به.
والله أعلم.