الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنشوز النساء هو: استعلاؤهن على أزواجهن وارتفاعهن وعصيانهن، وعدم طاعتهن فيما تلزم طاعتهم فيه، بغضا منهن وإعراضا عنهم. وتطلق هذه الكلمة على المرأة إذا كانت مخالفة لزوجها فيما يأمرها به، وكانت معرضة عنه غير طائعة له مستعلية عليه، مستخفة بحقه.
ومن النشوز خروجها من البيت بغير إذنه وصور النشوز كثيرة، والذي يعالج به النشوز أن يذكرها زوجها بالله ويخوفها وعيده لارتكابها ما حرم الله جل وعلا عليها من معصية زوجها، فإن لم يجد معها ذلك فليهجرها في المضجع، فإن لم يصلحها ذلك فله أن يضربها ضربا غير مبرح.
قال الله تعالى: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء : 34} .
وما ذكرته من أمر زوجتك وامتناعها عن الرجوع إلى مكان إقامتك هو من النشوز المحرم, وكذلك خروجها من بيت أهلها مع نهيك لها عن ذلك، فالزوجة إذا خرجت من بيت الزوجية بغير إذن زوجها ورضاه تعتبر ناشزاً، وتسقط بذلك حقوقها الزوجية فلا سكنى لها ولا نفقة حتى ترجع إلى طاعة زوجها. ولا يجوز لها أن تطلب الطلاق لغير ضرر واقع عليها من البقاء معه، وإذا طلبته في هذه الحالة فله الامتناع من طلاقها حتى ترجع إلى طاعته أو تفتدي منه بمال.
أما أولاده فتجب لهم النفقة والكسوة والسكنى على كل حال، وينبغي له معالجة مشكلة زوجته أولا بالرفق وبما يبقي عصمة الزوجية، وبهذا يعلم السائل أنه لا يعد مقصرا إذا لم يرسل نفقة لزوجته التي تعد ناشزا.
وأما ما ذكرته من أمر اليمين فإنك لم توضح ما المقصود بتلك اليمين فإن كانت اليمين بالله سبحانه والحال أن زوجتك قد خالفت وخرجت فتلزمك الكفارة .
وأما إن كانت اليمين يمين الطلاق وكان قصدك كما ذكرت هو مجرد التهديد وإلزامها بعدم الخروج وليس نية الطلاق, فقد اختلف العلماء في ذلك: فذهب جمهور الفقهاء وفيهم الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن من حلف بطلاق زوجته وحنث فإنه يلزمه ما حلف به فتطلق منه زوجته·
وذهب جماعة من العلماء منهم شيخ الإسلام ابن تيمية إلى عدم وقوع الطلاق في هذه الحالة, وإنما تلزم الحالف كفارة يمين؛ لأنها يمين حرام لا يحلها إلا الكفارة، لقول ابن عباس - رضي الله عنهما-: إذا حرم الرجل عليه امرأته فهو يمين يكفرها، وقال: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .
لكنا ننبه على أن الحلف بالطلاق غير مشروع أصلا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26777, 98059, 2041 .
والله أعلم.