الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الإجارة من العقود اللازمة ومن ثمار هذا اللزوم أن المؤجر يملك الثمن، والمستأجر يملك المنفعة، وأن الإجارة لا تنفسخ ببيع العين المستأجرة إذا علم بالإجارة، جاء في كشاف القناع: ولا تنفسخ الإجارة لشراء مستأجرها أي العين المؤجرة لأنه كان مالكاً للمنفعة ثم ملك الرقبة ولا تنافي بينهما. وجاء في المغني: إذا أجر عيناً ثم باعها صح البيع نص عليه أحمد، باعها للمستأجر أو لغيره... فإن اشتراها المستأجر صح البيع أيضاً، لأنه يصح بيعها لغيره فله أولى.
ولا يجوز للمشتري أن يشترط الأجرة لنفسه عند المالكية، جاء في القوانين الفقهية لابن جزي من المالكية: يجوز بيع الرباع والأرض المكتراة خلافاً للشافعي، لا ينفسخ الكراء، ويكون واجب الكراء في بقية مدة الكراء للبائع، ولا يجوز أن يشترطه المشتري لأنه يؤول إلى الربا إلا إن كان البيع بعرض، وإن لم يعلم المشتري أن الأرض مكتراة فذلك عيب له القيام به.
وقال في أسنى المطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: (وللمشتري الخيار) في فسخ البيع (إن جهل) الإجارة بخلاف ما إذا علمها نعم لو قال علمتها ولكن ظننت أن لي أجرة ما يحدث على ملكي من المنفعة فأفتى الغزالي بثبوت الخيار له إن كان ممن يشتبه عليه ذلك والشاشي بالمنع، قال الزركشي والأول أوجه لأنه مما يخفى.
وبناء على هذا فإنه لا حق للمشتري في هذه الأجرة، ولا حق للمشتري في مطالبة المستأجر بأجرة بقية المدة، والبيع المذكور بيع صحيح.
والله أعلم.