الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كانت القوانين التي تضعها الدولة موضوعة لأجل المصلحة العامة فلا يجوز إنشاء المساكن على الأراضي المذكورة ولا المتاجرة بها ولا دفع رشوة من أجل البناء عليها، كما لا يجوز السكن فيها إلا لمضطر، وإن كانت هذه القوانين بعيدة عن المصلحة وأمن الإنسان على نفسه وماله من مخالفتها فلا حرج في التحايل عليها، فيجوز لمن يملك هذه الأراضي إذا اضطر أن يدفع الرشوة ليتوصل إلى حقه بالبناء عليها، ويكون الإثم على المرتشي.
وقد سبق في الفتوى رقم:1713، أن الرشوة من كبائر الذنوب. فيحرم طلب الرشوة وقبولها وبذلها، كما يحرم عمل الوسيط بين الراشي والمرتشي. وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه أو لدفع ظلم أو ضرر، فإنها جائزة عند الجمهور ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي.
وسبق في الفتوى رقم:79060، بيان أن القوانين التي تضعها الدولة ليست على حالة واحدة من جهة الالتزام بها وعدم الالتزام بها، فمنها ما يجب الالتزام به ولا تجوز مخالفته وهو ما تتحقق به مصلحة، ولا يناقض شرع الله تعالى كقوانين المرور ونحو ذلك، ومنها ما لا يلزم الالتزام به وتجوز مخالفته، ولكن إن خاف المسلم أن توقعه هذه المخالفة في الحرج فلا ينبغي له أن يذل نفسه.
وسبق في الفتوى رقم: 99352، ما نصه: فإنه لا يوجد في الشرع ما يمنع من البناء في الأراضي الزراعية، كما لا يوجد ما يمنع من بيعها لمن يبني فيها ما لم يعد ذلك بالضرر على الناس فيمنع في هذه الحالة من باب منع الضرر؛ لحديث: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه. كما أن للدولة إذا رأت المصلحة في منع البناء في الأراضي الزراعية أن تصدر قوانين تمنع ذلك، وعلى الناس أن يلتزموا بهذه القوانين ما دامت قائمة على مصلحة حقيقية.
والله أعلم.