الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالتبرع بالأعضاء إذا كان فيه منفعة للغير فهو مشروع بل هو من جنس القربات إن قصد صاحبه بذلك التقرب إلى الله سبحانه، بشرط تحقق عدة أمور:
1- أن يكون الشخص المتبرع أهلا للتبرع وذلك بأن يكون بالغا عاقلا رشيدا، فلا يجوز أن يتبرع صبي ولا مجنون ولا سفيه، ولا يجوز للولي أن يتبرع عنهم.
2- ألا يجلب ضررا حاليا أو مستقبليا للمتبرع، فلا يجوز لأحد أن يتبرع بالأعضاء التي يهلك الإنسان بفقدها، كالقلب والرأس ونحوهما، ولا يجوز أن يتبرع بشيء يشوهه أو يسبب له المرض مستقبلا. لأن الضرر لا يزال بالضرر ولا يزال بمثله.
3- أن لا يتبرع بالأعضاء ذات الحساسية المعينة كالأعضاء التناسلية أو أجزائها سدًا للذرائع، ومنعا لاختلاط الأنساب، وحفاظًًا على العفة والطهارة، إنما يتبرع بالأشياء الداخلية التي يمكن للإنسان أن يعيش ببعضها، كالكلية مثلا .
4- أن يغلب على ظن الأطباء استفادة المريض بهذا العضو.
5- أن يكون نقل العضو هو الوسيلة الطبية الوحيدة الممكنة لمعالجة المريض المضطر.
والذي نراه أيتها السائلة أن الأولى والأفضل أن تصارحي خطيبك بما تنوين القيام به من أمر التبرع بالكلية، وذلك حفاظا منك على المصارحة والشفافية وأنتما في بداية طريق الزواج، وسداً لما قد يثور في المستقبل من مشاكل وأضغان إذ لو اكتشف الزوج هذا الأمر وعلم به - وهذا متوقع جدا- فلربما أوغر هذا صدره وكدر نفسه وأفسد علاقته بك، ولا شك أن هذه مفسدة كبيرة تدخل على الأسرة – عافانا الله وإياكم – ومن المعلوم أن الشرع الحكيم أمر بسد الذرائع الموصلة إلى الشر والفساد، ولا شك أنك لو كنت أنت مكانه فإنك ما كنت ترضين إلا بالمصارحة في أمر عظيم كهذا.
ولذا فإن ما ننصحك به في هذا المقام هو مصارحة خطيبك بهذا الأمر، وأن تأتمروا فيه بينكم بالمعروف – مع مراعاة أن يكون الكلام في وجود محرم لك – لأن الخاطب ما زال أجنبيا عن المخطوبة – فإن وافق على الأمر فبها ونعمت، وإن لم يوافق فأنت بالخيار إما أن تختاري أمر نقل الكلية إذا كان المريض منك بمكانة كبيرة وتفسخي الخطوبة، وإما أن تختاري الإبقاء على خطوبتك وتتركي أمر نقل الكلية. ونوصيك باستخارة الله سبحانه في كل أمورك، ونسأل الله أن يهديكِ سواء السبيل.
وللفائدة تراجع الفتويين رقم : 69289، 16814.
والله أعلم.