الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأصل في المسلم الستر والسلامة، فلا يظن به إلا خيراً، كما قال صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تباغضوا وكونوا إخواناً. رواه البخاري ومسلم. ولذلك فإن الأصل في ماله الحل لا الحرمة، ما لم تقم بينة واضحة على خلاف ذلك... وقد سبقت بعض الفتاوى في أن الأصل سلامة المسلم وكسبه وهي ذات الأرقام التالية: 25647، 27488.
فإن قامت بينة على خلاف هذا الأصل حكم بها وعمل بمقتضاها، كما في حال أولئك الذين ذكرهم السائل، ممن يستغلون مناصبهم لمصالحهم الشخصية ويقبلون هدايا لولا مناصبهم ما أهديت لهم، فكسب هؤلاء يدخل فيه الحرام؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هدايا العمال غلول. رواه أحمد وصححه الألباني. فلا شك أن الأفضل عدم مشاركتهم حتى ولو كان مالهم الحرام مختلطا بمال حلال، لقوله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ. والنسائي وأحمد وصححه الألباني.
وكذلك تزويج أمثال هؤلاء يعد قطعا لرحم البنات، وتضييعا لهن، والله تعالى قد قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، وقال صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.. والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم.. رواه البخاري ومسلم... وقد سبقت بعض الفتاوى عن حكم هدايا لموظفين وهي ذات الأرقام التالية: 20978، 34768، 37434.
وسبق أيضا فتاوى عن مشاركة صاحب المال الحرام ومقترف الفواحش في عمل تجاري تحت الأرقام التالية: 21758، 27168، 13379، وكذلك عن مصاهرة أمثالهم في الفتوى رقم: 12768، وكذلك عن مشاركة غير المسلمين تجاريا في الفتوى رقم:528، والفتوى رقم: 5861.
وأما أن تتزوج أنت من بناتهم.. فهذا يختلف حكمه بحسب اختلاف الأحوال والملابسات، ولكن يبقى أن الأصل هو البحث عن أصهار مرضيين، وقد نص جماعة من أهل العلم على كراهة التزوج بابنة الفاسق (انظر شرح المنهج، أسنى المطالب، فتح الوهاب، غاية البيان شرح زبد ابن رسلان، حاشية قليوبي، حاشية البجيرمي على منهج الطلاب، حاشية الجمل على شرح المنهج).. ويشهد لهذا حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تخيروا لنطفكم وأنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 55366.
والله أعلم.