الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس من شك في أن ما ذكرته عن أبيك من التقتير عليكم في الإنفاق يعتبر خطأ إذا كان له مال وكانت نفقتكم لم تزل واجبة عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول. رواه الحاكم وغيره.
كما أن أمك تعتبر مخطئة فيما نسبته لها من التفريق بينك وبين أخيك في المعاملة، ومن سعيها في قطعك للصلة مع أبيك.
وعلى أية حال فإنك مأمور ببرهما مهما كانا، ولا يعذر المرء بمقاطعة أو إساءة معاملة الوالدين حتى في حال شركهما، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23). وقال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان51}.
فواجب عليك برهما ولا يجوز أن تطيع أمك في قطعية أبيك فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق كما في الحديث الشريف، وليس معنى ذلك أن تغيظ أمك بالذهاب إلى أبيك جهارا، وإنما يمكنك أن تتحين لذلك أوقاتا لا يظهر فيها الجيران في الطرقات أو الشرفات، أو تتصل به بالهاتف وتقابله في مكان آخر.
وبالنسبة لزواجك فيمكنك أن تدرس الموضوع مع والدتك وتطلب مساعدتها في اختيار زوجة تسعدك، وتذكر لها حرصك على أن أي شيء من ذلك لن يكون إلا برضاها، فلعل هذا يرضيها بزواجك ولا تتسبب لك في مشاكل جديدة، وجاهد في طلب رضاها وأظهر لها انكسارك وسوء حالك بدون ذلك، وأنك وزوجتك ستكونان رهن إشارتها، وعليك بكثرة الدعاء فإن قلوب العباد بين أصبعي الرحمن يقلبها كيف يشاء.
والله أعلم.