الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي للمسلم الذي يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون صبوراً، وأن يرتقي بمن يدعوهم إلى المعالي ويصعد بهم في مدارج الصلاح من خلال النصيحة المستمرة عن طريق التذكير الدائم بالله والترغيب والترهيب، و لا يجوز لهذا الرجل أن يفضح الرجل الذي يشرب الخمر، فقد حثنا الإسلام على التستر على أهل المعاصي في حالة ما لم يجهروا بمعصيتهم، وقال قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ستر مسلما في الدنيا ستره الله في الدنيا والآخرة. رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه .
فينبغي لمن قام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون متصفاً بصفات الرسول صلى الله عليه وسلم من الرفق واللين، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يحرم الرفق يحرم الخير كله، وقالت عائشة رضي الله عنها قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله رفيق يجب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه. رواه مسلم .
بل قد أمر الله سبحانه وتعالى موسى وهارون عليهما السلام أن يقولا لأطغى الطغاة فرعون لعنه الله قولا لينا، قال تعالى: اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى*فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى. {طـه:44،43}.
فعلى ذلك ينبغي على الشخص الذي يقوم بالإنكار على من يشرب الخمر أن يستخدم معه الرفق وأن يعظه بالترغيب والترهيب ويذكره بالله.
وأما الرجل الذي يسمع الغناء فهو أيضاً ينبغي أن ينصح ويعلًم أن الغناء حرام.
وأما قول السائل: أن يقال لمن سمع الغناء أنه حكمه حكم شرب الخمر فهذا لا يجوز؛ لأنه قول على الله بغير علم، فلا شك أن الغناء حرام وأن الخمر حرام ولكن المحرمات درجات وأنواع، فمنها الصغائر ومنها الكبائر، وكذلك الكبائر أنواع, فمنها أكبر الكبائر، ولا شك أن الخمر كبيرة من الكبائر بلا خلاف بين أهل العلم، وكذا الأغاني المشتملة على آلات عزف حرام، وقد عده ابن حجر الهيثمي من الكبائر في كتابه الزواجر. ولكنها لا تصل لدرحة الخمر التي هي أم الخبائث، وقد لعن شاربها وبائعها.
فعلى ذلك يستخدم مع هذا الرجل الترهيب بحرمة الغناء ولا يقال له: إن حكمه حكم الخمر.
والله أعلم.