الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
لقد منً الله عليك بهذا الفضل العظيم وهو حب للقرآن الكريم والتفكر في آياته، أما الكلام العلمي الذي نقلتِه فهو مما علمه الله البشرية، وإذا كنا - نحن المسلمين - تخلفنا قروناً عن مواكبة علوم الدنيا فلا بأس من أن نستفيد مما أنتجه غيرنا لإثبات إعجاز كتابناً وسنة نبيناً، ولكن ذلك يجب أن يكون مبيناً على حقائق علمية ومناسبات واضحة لا على أوهام وظنون وإذا تقرر هذا.
فقوله تعالى: أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ* وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ {الشعراء:129}، نزل في قوم عاد فراجعي تفسيرها في كتب التفسير، وما ذكرت من العبث بالجينات صحيح، ولكن لا نحمل القرآن أي معنى ولو كان صحيحاً لا رابط واضح بينه وبين المقصود من كلام الله، وفي هذه الآيات معجزات غير ما ذكرت,
فالمعجزة هنا تاريخية فالكتب السابقة والمؤرخون القدامى لم يعلموا شيئاً عن عاد وثمود وقوم شعيب واكتشفت أماكن هؤلاء الأقوام منذ قرن من الزمان فقط على نفس الهيئات التي فصلها القرآن،
أما قوله تعالى: (وأصحاب اليمين) و(أصحاب الشمال) وربط ذلك بوظائف الفص الأيمن والأيسر من المخ فليس فيه مناسبة واضحة يمكن التعويل عليها من إثبات الإعجاز العلمي؛ لأنه على فرض صحة هذا الكلام علمياً -فإن كلا الفصين يعملان بصورة متكاملة فيما يظهر لنا،
وكذلك في قوله: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103}، سياقها مع ما قبله في توقيت الصلوات الخمس، ولا يدخل فيها الجنازة، فالخطاب للمصلين والميت لا يصلي، والذي ننصحك به أن تحذري من الخوض في تفسير كلام الله بدون علم، وأن تكثري من القراءة في كتب التفسير.. علمنا الله وإياك ورزقنا العمل بما علمنا.
والله أعلم.