خلاصة الفتوى:
إن كان السائل المشار إليه خارجاً من أحد السبيلين فهو نجس يجب غسله وهو ناقض للوضوء أيضاً، وإن كان يخرج من بقية البدن غير السبيلين، وكان قيحاً ففي نجاسته ونقضه للوضوء خلاف وتفصيل والأحوط اعتباره نجساً ناقضاً للوضوء إن كثر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخلو السائل المشار إليه من حالين:
الأولى: أن يكون خارجاً من أحد السبيلين، فإذا كان السائل المشار إليه يخرج من أحد السبيلين فهو نجس يجب غسله من البدن والثياب؛ لأن الأصل في السائل الخارج من السبيل هو النجاسة، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وما خرج من الإنسان.... من بول أو غيره فهو نجس يعني ما خرج من السبيلين كالبول والغائط والمذي والودي والدم وغيره فهذا لا نعلم في نجاسته خلافاً إلا أشياء يسيرة نذكرها إن شاء الله تعالى... انتهى مختصراً.
وكذا يعتبر ذلك الخارج ناقضاً للوضوء أيضاً وموجباً للاستنجاء، كما قال صاحب الزاد: ... ينقض ما خرج من سبيل مطلقاً... انتهى، وقال: ويجب الاستنجاء لكل خارج إلا الريح..
الثانية: أن يكون خارجاً من غير السبيلين فإن كان السائل المشار إليه بالأصفر قيحاً خارجاً من غير السبيلين فنجاسته محل خلاف بين الفقهاء، فأكثرهم على أنه نجس حتى ذكر بعضهم الاتفاق على نجاسته، وذهب آخرون إلى طهارته وهذا إحدى الروايتين عن أحمد واختيار شيخ الإسلام، قال في الإنصاف: وعنه طهارة ذلك. اختاره الشيخ تقي الدين فقال: لا يجب غسل الثوب والجسد من المدة والقيح والصديد ولم يقم دليل على نجاسته... انتهى.
ولا شك أن الأحوط اعتباره نجساً فيغسل إلا أن يكون يسيراً عرفاً فإنه معفو عنه حتى على القول بنجاسته, والفقهاء متفقون في الجملة على العفو عن يسير النجاسة، وإن اختلفوا في مقدار اليسير وما يعفى عنه منها، كما أن اعتبار خروج القيح -إذا خرج من غير السبيلين- ناقضاً للوضوء محل خلاف أيضاً، والمذهب عند الحنابلة أنه إن كان كثيراً فاحشاً نقض الوضوء لأنه نجس عندهم، وإن كان يسيراً لم ينقض الوضوء كما قال صاحب الزاد في باب نواقض الوضوء: ... وخارج من بقية البدن إن كان بولاً أو غائطاً أو كثيراً نجساً غيرهما... والرواية الأخرى في المذهب لا ينقض القيح والصديد إذا خرج من غير السبيل ولو كثر، كما في الإنصاف.
والله أعلم.