الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمذي هو السائل الأبيض اللزج الذي يخرجُ عند فتور الشهوة بلا شهوة، ولا يعقب خروجه فتور في البدن ولا يُشعر بخروجه غالباً، ويخرج عند الملاعبة أو التفكير في أمر الجماع، فإذا غلب على ظنك أنه قد خرج منك المذي لوجود قرينة دالة على خروجه فتحقق حينئذ من الأمر.
وتلزمك حينئذ الطهارة منه إذا تحققت أنه قد خرج منك مذي فعلاً، وأعرض عن الوساوس ولا تلتفت إليها، فالأمر أيسر بكثير مما تظن، فدينُ الله مبني على اليسر ورفع الحرج، والمذي نجس يجب الوضوء منه بإجماع العلماء، ويجبُ غسل ما أصاب البدن منه، وأما ما تحت السرة وما فوق الذكر فلا يجب غسله ما لم يصبه المذي.
وأما الثياب فالأكثر على وجوب غسل ما أصابه المذي منها، وذهب أحمد رحمه الله في رواية عنه إلى أنه يكتفي في الثياب بالنضح، ودليله حديث سهل بن حنيف قال: كنت ألقي من المذي شدة وعناء وكنت أكثر منه الاغتسال فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنما يجزيك من ذلك الوضوء، فقلت: يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي منه قال: يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه قد أصاب منه. رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وهل يُكتفى بغسل موضع المذي من الذكر فقط أم يجب غسل الذكر والأنثيين (الخصيتين)؟ أكثر العلماء على الأول، والقول الثاني أحوط وهو رواية عن أحمد، فعن علي بن أبي طالب قال: كنت رجلاً مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: فيه الوضوء. أخرجاه، ولمسلم: يغسل ذكره ويتوضأ. ولأحمد وأبي داود: يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ. وحمل بعض العلماء الأمر بغسل الأنثيين على الاستحباب للجمع بين الأدلة.
والله أعلم.