الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما قام به التاجر هو مبادلة ذهب بذهب، ولجوازه يشترط أن يكون مثلا بمثل يدًا بيد، دون زيادة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب مثلا بمثل، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء. رواه البخاري. وراجع للأهمية الفتاوى التالية: 30815، 1071، 13859.
وبما أن الزيادة قد حصلت، فإن المبادلة هنا فاسدة، فلا بد من فسخ العقد، وإذا تعذر من الناحية العملية فسخ العقد، فلا مانع من الأخذ برأي من يقول إن الحلية المصوغة تحولها الصياغة إلى سلعة، فيمكن أن تباع بالعاجل والآجل وتخرج عن أحكام النقد.
قال ابن القيم: الحلية المباحة صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع لا من جنس الأثمان، ولهذا لم تجب فيها الزكاة فلا يجري الربا بينها وبين الأثمان كما لا يجري بين الأثمان وفي سائر السلع.
وقال أيضا: وكذلك ينبغي أن يباح بيع الحلية المصوغة صياغة مباحة بأكثر من وزنها لأن الحاجة تدعو إلى ذلك، وتحريم التفاضل إنما كان سدا للذريعة فهذا محض القياس ومقتضى أصول الشرع، ولا تتم مصلحة الناس إلا به أو بالحيل، والحيل باطلة في الشرع، وغاية ما في ذلك جعل الزيادة في مقابلة الصياغة المباحة المتقومة بالأثمان في الغصوب وغيرها.
وسبق ابن القيم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ففي الاختيارات العلمية لعلاء الدين أبي الحسن علي بن محمد بن عباس البعلي الدمشقي الحنبلي: ويجوز بيع المصوغ من الذهب والفضة بجنسه من غير اشتراط التماثل، ويجعل الزائد في مقابلة الصنعة سواء كان البيع حالا أو مؤجلا ما لم يقصد كونها ثمنا.
ويستفاد من الفتويين: 38054، 392809.
والله أعلم.