الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أخانا الفاضل أنك على خير ما دمت على الحال الذي ذكرت، تحب الدعوة إلى الله ، وتجالس الصالحين ، وتكثر من دعاء الله تعالى، وتقرأ القرآن، إلى آخر ما ذكرت من أمور الخير التي أنت عليها أو التي كنت عليها، وربما يكون الشيطان قد غاظه ذلك منك، وأنت في سن الشباب، فلعله أراد أن يكيد لك ويفسد عليك دينك.
فالذي نرجوه منك أن تهون الأمر على نفسك، وأن تشعرها أن مثل هذه الوسوسة علامة خير في نفسها، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.
وروى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر الله، أكبر الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة .
ولا شك أن تجاهل مثل هذه الوساوس وعدم الالتفات إليها من أعظم أسباب العلاج ، وكما ذكرت فقد يكون الشيطان يريد أن يصدك عن طريق الاستمرار في العلاج ، ونوصيك بالاستمرار في الدعاء والحرص على الطاعات ومصاحبة الصالحين ، وأن تكثر من التوبة والاستغفار، بالإضافة إلى الرقية الشرعية ، فإنك إذا اتبعت هذا النهج ذهب عنك الذي تجد بإذن الله تعالى.
وننبهك إلى الإعراض عن كثرة البحث والقراءة في الفتاوى أو المقالات التي تتكلم عن أمر الوسوسة، لأن مثل هذا الاهتمام بأمرها قد يزيد منها، بل أعرض عنها كما ذكرنا وكأن شيئا لم يكن.
وللفائدة راجع هاتين الفتويين: 3086، 57372.
والله أعلم.