الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته منسوباً إلى شيخِ الإسلام ابن تيمية صحيحُ النسبةِ إليه فهو رحمه الله لا يشترطُ الموالاة بين الصلاتين في جمع التقديم، جاء في الاختيارات العلمية: ولا موالاة في الجمع في وقت الأولى، وهو مأخوذ من نص الإمام أحمد في جمع المضطر إذا صلى إحدى الصلاتين في بيته، والأخرى في المسجد. اهـ
ولم ينفرد الشيخ بهذا القول بل هو وجهٌ عند الشافعية.
قال النووي في شرح المهذب وفيه وجه: أنه يجوز الجمع وإن طال الفصل بينهما ما لم يخرج وقت الأولى، حكاه أصحابنا عن أبي سعيد الإصطخري وحكاه الرافعي عنه، وعن أبي علي الثقفي من أصحابنا.
ونص الشافعي في الأم أنه لو صلى المغرب في بيته بنية الجمع ثم أتى المسجد فصلى العشاء جاز.اهـ .
وأبى ذلك الجمهور فشرطوا الموالاة بين الصلاتين إذا جمع بينهما في وقت الأولى بحيثُ لا يفصل بينهما بفاصل طويل عرفاً، ومن حجتهم أن الجمع رخصة فلا يُتعدى بها الموضع الذي وردت فيه، ومن حجتهم كذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حين جمعَ جمع التقديم لم يفرق بين الصلاتين كما فعل بعرفة، وقد قال: صلوا كما رأيتموني أصلي .
والذي نراه في هذه المسألة أنه لا ينبغي الإخلالُ بشرطِ الموالاة ، لأنه قول عامة العلماء ، ولأنه قوي المأخذ كما لا يخفى ، ولكن قد نُرخصُ في العملِ بقول شيخ الإسلام إذا وُجدت ضرورة بحيثُ لن يتمكن المعذور من فعل الثانية في وقتها، كما لو كان هذا المعذور مريضاً يُجري جراحةً تستغرقُ جميع وقت الثانية ، فله حينئذٍ أن يجمع الثانيةَ إلى الأولى ولو فصل بينهما فصلاً طويلاً ، والله تعالى أعلم ونسبة العلم إليه أسلم.
وأما بالنسبة لحالتك فالمعذورُ بالسلس رخصّ له بعض أهل العلم في الجمع كما رخص للمستحاضة ، والجمهورُ لا يرون الجمع للمستحاضة. وقد بينا ذلك في فتاوى سابقة فراجع منها الفتوى رقم: 96833، لكن جمعك بين الصلاتين يفوّت عليكَ الجماعة ويحرمك فضلها.
فالذي ننصحك به أن تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتحافظ على الجماعة، وتصلي بذلك الوضوء الفرض وما شئت من النوافل وتمس المصحف حتى يخرجُ وقتُ الصلاة؛ إلا أن تأتيَ بناقضٍ آخر للوضوء.
والله أعلم.