الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت الأرض المذكورة مواتاً لم يُعلم تقدم ملك لأحد عليها، فهي لمن أحياها، وقد دل على ذلك ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أعمر أرضاً ليست لأحد فهو أحق. وروى أبو داود عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحيا أرضاً ميتة فهي له.
جاء في المغني لابن قدامة: الموات هي الأرض الخراب الدارسة. وعامة فقهاء الأمصار على أن الموات يملك بالإحياء وإن اختلفوا في شروطه. ثم قال: مسألة: من أحيا أرضا لم تملك فهي له. وجملته أن الموات قسمان، أحدهما: ما لم يجر عليه ملك لأحد ولم يوجد فيه أثر عمارة، فهذا يملك بالإحياء بغير خلاف بين القائلين بالإحياء. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: الموات الأرض التي لم تعمر شبهت العمارة بالحياة وتعطيلها بفقد الحياة وإحياء الموات أن يعمد الشخص لأرض لا يعلم تقدم ملك عليها لأحد فيحييها بالسقي أو الزرع أو الغرس أو البناء فتصير بذلك ملكه سواء كانت فيما قرب من العمران أم بعد سواء أذن له الإمام في ذلك أم لم يأذن وهذا قول الجمهور، وعن أبي حنيفة لا بد من إذن الإمام مطلقاً وعن مالك فيما قرب وضابط القرب ما بأهل العمران إليه حاجة من ري ونحوه. انتهى.
والإحياء الذي يجوز بدون إذن السلطان هو إحياء الأرض الميتة التي لم يسبق منع السلطان من إحيائها، فإذا أراد شخص إحياءها فلا يلزمه استئذان السلطان، وإذا أحياها فهي له، ولا يحق للسلطان نزعها منه بعد ذلك، وأما الإحياء بعد منع السلطان من إحيائها فلا يجوز إلا بإذن السلطان... أما القول بأن له حق الشفعة، فإن الشفعة: تملك المشفوع فيه جبراً عن المشتري بما قام عليه من الثمن والنفقات. وعلى هذا فلا وجه للشفعة هنا لأن هذه الأرض ليست ملكاً لأحد حتى يتملكها الجار بالشفعة، كما أن حق الشفعة يكون للشريك فيما لم يقسم من العقارات كالأرض ونحوها، أما الجار فلا شفعة له على مذهب الجمهور، وذهب الحنفية إلى إثبات الشفعة للجار الملاصق والشريك في حق من حقوق المبيع، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11567، 28225، 35475، 50062، 74272.
والله أعلم.