الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمختارُ في حسابِ ساعات النهار كما رجحه الحافظ في الفتح أن تقسّم أجزاء النهار على اثني عشرَ جزءاً مهما تفاوت النهار طولاً أو قصراً، فمن أول النهار إلى زوال الشمس ست ساعات، ومعنى قول من قال من العلماء إنه يجوزُ أن تُصلَى الجمعة في الساعة السادسة هو بهذا الاعتبار، وهذه الساعة تَقصُرُ شيئاً يسيراً في الشتاء عن الساعة المعروفة التي هي ستون دقيقة، وتزيدُ عنها في الصيف، وثلثُ الساعة المعروفة ونصفها قبل الزوال داخلٌ في الساعة السادسة بلا شك، وعلى هذا فيجوزُ فعل الجمعة في مثلِ هذا الوقت عند من يُجوّزها فيه، وإن كنا نميل إلى قولِ الجمهور وهو أن الجمعة لا تُصلى إلا بعد الزوال لقوة دليله، ولأنه أحوط كما بيناه في الفتوى التي أشرت إليها، ولا نرى لكَ حرجاً إذا كنت معذوراً بالسلس في أن تعملَ بهذا المذهب، فتتوضأ قبل الزوال بوقتٍ يسير ثمّ تأتي المسجد لتدركَ أول الخطبة، وذلك لأن هذا المذهب له حظٌ من النظر، وقد قال به جماعةٌ من كبار العلماء، وشريعةُ الله مبنيةٌ على اليسر.
قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78}
والله عز وجل لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لا سيما إذا دار الأمرُ بين أن تفوتكَ الجمعة أو أن تتأخر عن حضورها تأخراً يحرمك الانتفاع بالخطبة، وبين العمل بمذهب أحمد في هذه المسألة، فلكَ رخصة في العمل بهذا المذهب اتباعا لمن قال به من الأئمة.
والله أعلم.