الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما فعلته من القيامِ حينَ شككت هل هي الثالثة أو الرابعة صحيح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرَ من شكَّ في صلاته بالبناء علي الأقل، كما أخرجه مسلمٌ من حديثِ أبي سعيد، وما فعله المأمومون من التسبيح بك وكذلك ما فعلته من الرجوعِ حين سبحوا بك، كلُ ذلك صحيحٌ موافقٌ للسنة، ولكن الخطأ هو في تركك لسجود السهو، فإنك قد زدتَ في صلاتك زيادة لو تعمدتها أبطلت الصلاة فشُرعَ لكَ سجود السهو، وقد سجد النبي صلى الله عليه وسلم حينَ زاد في صلاته السلام والكلام؛ كما في حديثِ ذي اليدين المتفقِ عليه، واختلفَ العلماء هل السجود لما يبطل عمده الصلاة واجبٌ أو سنة، والجمهورُ على أنه سنة، وظاهرُ مذهبُ أحمد وجوبُه، فإذا قلنا بوجوبه فإنّ من تركه ناسياً حتى طال الفصل فلا شيء عليه، والجاهلُ في معنى الناسي، وقد كنت جاهلاً بالحكم فلا شيء عليك.
قال الموفقُ في المغني: فصل: وإذا نسي سجود السهو حتى طال الفصل، لم تبطل الصلاة. وبذلك قال الشافعي وأصحاب الرأي. وعن أحمد: أنه إن خرج من المسجد أعاد الصلاة، وهو قول الحكم، وابن شبرمة وقول مالك وأبي ثور في السجود الذي قبل السلام. ولنا، أنه جابر للعبادة بعدها، فلم تبطل بتركه كجبرانات الحج، ولأنه مشروع للصلاة خارج منها، فلم تفسد بتركه، كالأذان انتهى.
واعلم أن متابعة المأمومين للإمام في سجود السهو واجبة وإن لم يكن منهم سهو، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم إنما جُعل الإمام ليؤتم به. متفقٌ عليه.
والله أعلم.