الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمصائب والبلايا والمنغصات قد تكون دليلا على غضب الله سبحانه وسخطه على العبد، وقد تكون أيضا علامة رضا وإرادة الخير به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيراً يصب منه. رواه البخاري وأحمد.
فإن الله تعالى إذا أحب عبداً ابتلاه حتى يلقاه نقياً من ذنوبه، فيدخله جنته ودار كرامته حيث لا نصب ولا وصب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وفي ماله وفي ولده حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة. رواه الترمذي وأحمد بإسناد حسن.
إذا فالمعيار في محبة الله ورضاه هو التوفيق لطاعته والعمل بمرضاته، ومع هذا فينبغي على الإنسان إذا وجد ضيقا في حياته وقلة توفيق أن يفتش عن أعماله لأن الذنوب سبب كبير من أسباب الفشل والخذلان والحرمان, قال سبحانه: فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ. {النساء:160}, وقال سبحانه عن قوم نوح: مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا {نوح:25}, وقد قال بعض العلماء: إن الصالحين إذا فقدوا آمالهم تفقدوا أعمالهم.
وما فعلته أيها السائل مع جيرانك إثم كبير بل هو جملة آثام وذنوب أعظمها خيانة الأمانة وأذى الجيران, فإذا كان هؤلاء الجيران قد ائتمنوكم على خصوصياتهم فما كان لك أن تقابل هذا بالخيانة والعبث بأغراضهم وأسرارهم, ومعلوم في الشريعة أن حق الجار عظيم, والإساءة إلى الجار ليست كالإساءة إلى غيره من الناس، وإيذاؤه من الكبائر، لقوله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره. متفق عليه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول لله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه. رواه البخاري.
قال ابن حجر في فتح الباري: وفي هذا الحديث تأكيد حق الجار، لقسمه صلى الله عليه وسلم على ذلك وتكريره اليمين ثلاث مرات، وفيه نفي الإيمان عمن يؤذي جاره بالقول أو الفعل، ومراده الإيمان الكامل, وفي حديث ابن عمر: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.متفق عليه.
فالواجب عليك المسارعة إلى التوبة إلى الله جل وعلا من ذنبك والإكثار من فعل الصالحات لعلها تكون مكفرة لفعلك, ثم عليك بعد ذلك أن تحتال لإرجاع هذه الملابس لجيرانك بطريقة ما بحيث لا يرتابون في الأمر هذا إذا كانت الملابس ما زالت قائمة, أما إذا هلكت أو ضاعت فعليك بدفع قيمتها لهم بطريق أو بآخر بحيث لا يؤدي الأمر إلى شك أو ريبة فتحدث مفاسد كبيرة، وللفائدة في ذلك تراجع الفتوى رقم: 46583، والفتوى رقم: 36627.
والله أعلم.