الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فزادك الله حرصاً على الخيرِ ورغبةً فيه، ولا شك في أن صلاة الجماعة ذات فضلٍ عظيم، ويكفي أن الله أمر بها في أحلك الظروف وأصعب المواقف عندما يلتحم الصفان، فقد قال تعالى: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ. {النساء: 102}.
وأرجح الأقوال أنها فرضٌ على الأعيان، ولا شك أن لإتيان المساجد من الفضل والمنزلة ما لا يفرطُ فيه إلا مبخوس الحظ، وقد شهد الله لعمارها، فقال: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ.{التوبة: 18}.
وقد ذهب جماعةٌ من أهل العلم إلى وجوب الجماعة في المسجد، وإن كان أكثر الموجبين لها يرون صحتها في البيت، فإن كان زوجك يصلي في البيت جماعة فقد حرم نفسه فضيلة إتيان المساجد، وإن كان يصلي منفرداً فهو آثمٌ على الراجح من أقوال العلماء، وقد بينا في فتاوى كثيرة حكم الجماعة وفضلها والنصوص المرغبة في إتيان المساجد، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5153، 74115، 104705، 34466.
وشكر الله لكِ حرصك ِعلى سلامة قلب زوجك، ويمكنكِ أن تحثيه على حضور الجماعات في المساجد بالموعظة اللطيفة التي لا تتضمن أمراً وليس فيها سوء أدب، كأن تذكري له شيئاً من فضائله وما يتمتع به من خصال الخير ثم تردفين ذلك بقولك لكنك ستتوجُ هذه الفضائل وتجعلها أفضل وأكمل إذا حرصت على الجماعات في المساجد، واختاري لذلك الوقت المناسب الذي يكون قلبه فيه رقيقاً مستعداً لقبول الخير، ويمكنكِ كذلك نصيحته بطريقٍ غير مباشر بأن تسمعيه شريطاً لأحد الدعاة الذين يحبهم يكون متناولاً لهذا الموضوع، أو تضعي بين يديه مطويةً، أو كتيباً لطيفاً أو تطلعيه على بعض فتاوى العلماء المعتبرين في هذا الموضوع، والظاهر أن في زوجك خيراً وأنه سيستجيبُ بإذن الله، واجتهدي في الدعاء له فإن الدعاء أمضى سلاح ، وأعون شيءٍ على الفلاح، وفقنا الله وإياكِ لكل خير.
والله أعلم.