الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمما لا شك فيه أن للوالد حقا عظيما على الولد، ولذا أوجب الشرع على الولد بر والده والإحسان إليه والحذر من عقوقه، ومهما حدث من الوالد من تقصير في حق ولده فلا يجوز لولده أن يسيء إليه أو يصفه بشيء من الأوصاف السيئة، فإن هذا من العقوق. قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23}. وفي المقابل ينبغي أن يعلم أنه لا يجوز للوالد استغلال ما منحه الله من حق على أولاده في ظلمهم أو التقصير في شيء من حقهم، ومن العدل بين الأولاد التسوية بينهم في العطية على الراجح من أقوال العلماء، فلا يجوز له تفضيل بعضهم على بعض لغير مسوغ شرعي. وينبغي أيضا أن يعدل بينهم في كل شيء حتى في الأمور المعنوية، فإن عدم التسوية بينهم قد يؤدي إلى وقوع التباغض بينهم، وربما كان مثل هذا التصرف دافعا للأولاد للوقوع في شيء من العقوق، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لبشير والد النعمان عندما أراد أن يفضله بينهم في العطية : أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذاً.
فالذي نرشدكم إليه هو الصبر على أبيكم ومناصحته في ضوء ما ذكرنا ، ويمكنكم أن تستعينوا عليه ببعض من لهم وجاهة عنده.
وتحقيق هذا العدل المطلوب لا يتعارض مع كون الأب قد يحنو أكثر على الضعيف من أولاده، ومن ذلك حنوه على بناته لضعفهن فالتمسوا لأبيكم العذر في ذلك.
وبخصوص المساعدة للأبناء عند الحاجة فينبغي للوالد أن يساعدهم وهذا هو المعهود من الآباء عادة، وأما حكم النفقة على الكبار البالغين منهم القادرين على الكسب ففي هذه المسألة خلاف بين العلماء، وأكثرهم على عدم وجوب الإنفاق عليهم كما سبق بيانه بالفتوى رقم: 66857.
وينبغي لهؤلاء الأبناء أن يسعوا في طلب الرزق بدلا من البقاء عالة على أبيهم، وأما عمل الأبناء مع أبيهم فالأصل أنه تبرع ومساعدة منهم له، فلا يجوز لهم مطالبته بدفع الأجرة إلا إذا جرى الاتفاق على ذلك أو جرى العرف بذلك، فالمعروف عرفا كالمشروط شرطا. وعلى كل فإن أراد الأبناء مساعدة من أبيهم فينبغي أن يطلبوا منه ذلك بالحسنى.
وأما إكرام الرجل أصهاره فأمر حسن وفيه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شك أنه قد يكون أدعى لحصول العشرة بين الزوج وزوجته.
والله أعلم.