الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا أمكن تعاطي هذا الدواء بالليل فهو أحسن، وإذا لم يكن بدٌ من تعاطيه بالنهار فإن كنت محتاجاً إلى هذه الفحوصات للتداوي من مرضٍ حقيقي بحيثُ يضرُ بك عدم إجرائها، ولم تكن هذه الفحوصات أمراً تحسينياً لأجل أن تطمئن على صحتك فحسب فحينئذٍ يجوزُ لكَ الفطرُ لعذرِ المرض، ويلزمك القضاء بعد رمضان، لقوله تعالى: أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة 184}.
وأما هل يجوزُ لك أن تأكل بقية يومك أو يجبُ عليكَ الإمساك، والاقتصارُ على شرب الدواء الذي تحتاجُ إليه ؟ ففي المسألة قولان معروفان للعلماء، أصحهما أنه يجوزُ لك الأكل والشرب لأنك استبحت الفطر بإذن الشرع فلا يلزمك الإمساك إلا بأمر الشارع، ولكن يُستحب لك الإمساك خروجاً من الخلاف، وبوجوب الإمساك قال أبو حنيفة وأحمد، وبعدمِ وجوبه قالت الشافعية والمالكية، قال الشيرازي في المهذب: فإن قدم المسافر وهو مفطر، أو برأ المريض وهو مفطر، استحب لهما إمساك بقية النهار لحرمة الوقت، ولا يجب ذلك لأنهما أفطرا بعذر، ولا يأكلان عند من لا يعرف عذرهما لخوف التهمة والعقوبة. انتهى.
قال شارحه أبو زكريا النووي: فيه مسائل: (إحداها) [ إذا ] قدم المسافر أو برأ المريض وهما مفطران يستحب إمساك بقية يومه ولا يجب عندنا، وأوجبه أبو حنيفة. دليلنا أنهما أفطرا بعذر.
(الثانية) يستحب إذا أكلا أن لا يأكلا عند من يجهل عذرهما للعلة المذكورة. انتهى.
ورجح هذ القول من محققي الحنابلة العلامة العثيمين رحمه الله.