الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما فعله والدك من الوقوف إلى جانب عمك في ضائقته، لهو من صلة الرحم التي أمر الله بها، ومن عون المسلم وتنفيس كربته الذي ندب إليه الشرع، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ.... رواه مسلم في صحيحه.
وما ذكرتيه عن عمك ينافي ما ينبغي أن يكون المسلم عليه مع غيره، فضلاً عن كون ذلك مع أخيه الذي أحسن إليه، بل ينافي مقتضى الفطرة والطباع السليمة من مقابلة الإحسان بالإحسان، لكن ذلك لا يبرر مقاطعته، فلا يزال له حق القرابة، وفي صلته أجر كبير.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيؤونَ إِلَيَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ فَقَالَ لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ. رواه مسلم.
أما ما يتعلق بما دفعه والدك إلى عمك من المال، فإن كان دفعه على سبيل التبرع والهبة، فإنه لا يحق له أن يطالبه به، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِي عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلاَّ الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ.. رواه الخمسة، وصححه الألباني في الإرواء.
أما إن كان دفعه إليه على سبيل القرض، فإنه يجب على عمك رده، إلا أن يكون معسراً فيجب إنظاره حتى يتيسر له الأداء، وأما إن كان دفعه على سبيل الشركة، فهو شريك له في التجارة بما اتفقا عليه.
وعلى كل حال فننصحكم بأن توسطوا بينهما بعض العقلاء، ليصلحوا بينهما، ويحكموا بما يتراضيا عليه من المال مع بعض التسامح والعفو.
والله أعلم.